للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيِّ شَيءٍ يكونُ التَّعزيرُ؟

نَصَّ الفُقهاءُ على أنَّ التعزيرَ يكونُ بجَلدٍ وضَربٍ وتَوبيخٍ وحَبسٍ، وللعُلماءِ تَفصيلٌ في ذلكَ، وبَيانُه فيما يلي:

أولاً: الجَلدُ والضَّربُ:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على جَوازِ التعزيرِ بالجَلدِ.

إلا أنهُم اختَلفُوا في مِقدارِه:

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يَبلغُ في التَّعزيرِ أربَعينَ جَلدةً، فأكثرُه عندَهم تِسعةٌ وثَلاثونَ سَوطًا؛ لأنَّ النبيَّ قالَ: «مَنْ بلَغَ حَدًّا في غيرِ حَدٍّ فهو مِنْ المُعتدينَ» (١).

والأربَعونَ حَدٌّ في العَبيدِ في القَذفِ، فيُنقَصُ عنه سَوطٌ، وهذا بَيانُ أقصَى التعزيرِ، فأما فيما دونَ ذلكَ الرأيُ إلى الإمامِ يُعزِّرُه بقَدرِ ما يَعلمُ أنه يَنزجرُ به؛ لأنَّ ذلك يَختلفُ باختلافِ أحوالِ الناسِ وباختِلافِ جَرائمِهم.

وأما قَولُ النبيِّ : «لا يُجلدُ فوقَ عَشرِ جلَدَاتٍ إلا في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ» (٢) فمَنسوخٌ بعَملِ الصَّحابةِ على خِلافِه مِنْ غيرِ نَكيرٍ، أو مَحمولٌ على الأَولويةِ ونحوِها بعدَ ثبوتِ العَملِ بخِلافِه (٣).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٧٣٦٢).
(٢) رواه البخاري (٦٤٥٦).
(٣) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ٦٤٦)، و «المبسوط» (٩/ ٧١)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٦٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٧٣، ٣٧٤)، و «اللباب» (٢/ ٣١٨، ٣١٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٣٢)، و «البيان» (١٢/ ٥٣٣، ٥٣٤)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦٢٠)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٢٤١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥١٧)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٢٥)، و «المغني» (٩/ ١٤٨، ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>