للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - التشهُّدُ الأخيرُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في التشهُّدِ الأخيرِ، هل هو فَرضٌ أو واجِبٌ أو سُنَةٌّ؟ فَذَهب الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ في رِوايةٍ عنه إلى أنَّه سُنَّةٌ، وليس بواجِبٍ.

وقالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ المالِكيُّ : التشهُّدانِ جَميعًا مَسنونانِ غيرُ مَفروضَينِ، خِلافًا لِلشافِعيِّ في إيجابِه الأخيرَ، ولغيرِه في إيجابِه إيَّاهُما؛ لقولِه لِلأعرابيِّ لمَّا علَّمه الصَّلاةَ: «ثم اجلِس حتى تَطمَئن جالسًا، فإذا فَعَلتَ ذلك فقد تَمَّت صَلاتُكَ» ففيه دَليلانِ:

أحَدُهما: أنَّ التشهُّدَ لو كانَ مَفروضًا لَعلَّمه إيَّاه مع عِلمِه بأنَّه لا يُحسِنُ الصَّلاةَ.

والآخَرُ: قولُه: «فقد تَمَّت صَلاتُكَ»، فحَكَمَ بتَمامِها مع عدمِ هذا، ولأنَّه ذِكرٌ يَختَصُّ بالجُلوسِ، فلم يكن فَرضًا كالأوَّلِ، ولا يَدخلُ ؛ لأنَّه لا يَختَصُّ بالجُلوسِ؛ لأنَّه يُؤتى به في الجِنازةِ، وإن شِئتَ قُلتَ: قبلَ التَّحليلِ، ولأنَّه ذِكرٌ يَتكرَّرُ في الصَّلاةِ إذا لم يكنِ الأوَّلُ واجِبًا، فكذلك الآخَرُ، كالتَّعظيمِ في الرُّكوعِ، والدُّعاءِ في السُّجودِ، وقِراءةِ ما عَدا الفاتِحةِ، ولأنَّه ذِكرٌ لا يُجهَرُ به في الصَّلاةِ على حالٍ، كالتَّوجيهِ على أصلِهم، والدُّعاءِ على أصلِ الجَميعِ، ولأنَّه جُملةُ ذِكرٍ مِنْ شَرطِه الشَّهادَتَانِ، فأشبَهَ الأذانَ والإقامةَ، ولأنَّه ذِكرٌ في تَضاعِيفِ الصَّلاةِ، ليس مِنْ المُعجِزِ، كسائرِ الأذكارِ، ولأنَّ ألفاظَه وردَت مُختَلِفةً غيرَ مُتعيَّنةٍ، فدلَّ على أنَّه غَيُر واجِبٍ، لأنَّ الأذكارَ المَفروضةَ مُتعيَّنةٌ، كالتَّحريمِ والتَّسليمِ والقِراءةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>