اتَّفقَ فُقهاءُ المُسلمينَ على أنَّ المرأةَ التي تَحيضُ عدَّتُها ثَلاثةُ قُروءٍ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].
ولا خِلافَ بينَ فُقهاءِ السَّلفِ والخلَفِ على وُقوعِ اسمِ الأقْراءِ على الطُّهرِ والحَيضِ؛ لأنَّ اللفظَ لو لم يَكنْ مُحتمِلًا لهُما لَمَا تأوَّلَه السَّلفُ عليهما؛ لأنهم أهلُ اللُّغةِ والمَعرفةِ بمَعاني الأسماءِ وما يَتصرَّفُ عليهِ المعاني مِنْ العِباراتِ، فلمَّا تأوَّلَها فَريقٌ على الحَيضِ وآخرُونَ على الأطهارِ عَلِمْنا وُقوعَ الاسمِ عليهما، ومِن جِهةٍ أُخرَى أنَّ هذا الاختِلافَ قد كانَ شائِعًا بينَهم مُستفيضًا، ولم يُنكِرْ واحدٌ مِنهم على مُخالَفيهِ في مَقالتِه، بل سوغَ له القَول فيه، فدَلَّ ذلكَ على احتمالِ اللَّفظِ المَعنيَينِ وتَسويغِ الاجتهادِ فيهِ (١).
إلا أنَّ فُقهاءَ المذاهِبِ الأربَعةِ اختَلفُوا في الأقراءِ التي تَجبُ على المَرأةِ إذا طلقَتْ ما هي؟ هل هي الحَيضُ أم الطُّهرِ؟ وعليه اختَلفُوا في الوقتِ الذي تَبِينُ فيهِ المُطلَّقةُ مِنْ زَوجِها حتى لا يَكونُ له عليها رَجعةٌ.