للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - مَرضُه ووَفاتُه :

قالَ الرَّبيعُ بنُ سُليمانَ: أَقامَ الشافِعيُّ ههُنا أرَبعَ سَنواتِ، فأَملَى أَلفًا وخَمسَمائةِ وَرقةٍ.

وأخرَجَ كِتابَ «الأم» أَلفَي وَرقةٍ.

وكِتابَ «السنة» وأَشياءَ كَثيرةً كلُّها في أرَبعِ سِنينَ.

وكانَ عَليلًا، شَديدَ العلَّةِ، فكانَ ربَّما يَخرجُ الدَّمُ منه، وهو راكِبٌ، حتى تَمتلِئُ سَراويلُه ومَركَبُه وخُفُّه (١).

وعن يُونسَ بنِ عبدِ الأَعلى قالَ: ما رَأيتُ أحدًا، لقِيَ من السُّقمِ، ما لقِيَ الشافِعيُّ، فدخَلتُ عليه يومًا، فقالَ لي: يا أَبا موسَى، اقرَأْ عليَّ ما بعدَ العِشرينَ والمِائةِ مِنْ آلِ عِمرانَ، وأخِفَّ القِراءةَ، ولا تُثقِلْ، فقَرأتُ عليه، فلمَّا أرَدتُ القِيامَ قالَ: لا تَغفَلْ عنِّي؛ فإنِّي مَكروبٌ، قالَ يُونسُ: عنَى الشافِعيُّ بقِراءتِي بعدَ العِشرينَ والمائةِ ما لقِيَ النَّبيُّ وأَصحابُه أو نحوُه (٢).

وعن الرَّبيعِ قالَ: دخَلَ المُزنِيُّ على الشافِعيِّ، في مَرضِه الذي ماتَ فيه، فقالَ له كيف أَصبَحتَ يا أُستاذُ؟ فقالَ: أَصبَحتُ من الدُّنيا راحِلًا، ولإِخوانِي مُفارقًا، ولكَأسِ المَنيةِ شارِبًا، وعلى اللهِ وارِدًا، ولسُوءِ أَعمالِي مُلاقيًا، ثم رَمى بطَرفِه نحوَ السَّماءِ، واستَعبَرَ، ثم أنشَأَ يَقولُ:


(١) السابق (٢/ ٢٩١).
(٢) السابق (٢/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>