للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ قولِ أبي حَنيفةَ وزُفرَ -رحمهما الله- أنَّ السَّرقةَ واحدةٌ وقد حصَلَتْ ممَّن يَجبُ عليه القَطعُ وممَّن لا يَجبُ عليهِ القطعُ، فلا يَجبُ القطعُ على أحَدٍ، كالعامِدِ مع الخاطِئِ إذا اشتَركَا في القطعِ أو في القَتلِ.

وقولُه: «الإخراجُ أصلٌ في السرقةِ» مُسلَّمٌ، لكنَّه حصَلَ مِنْ الكُلِّ معنًى؛ لاتِّحادِ الكلِّ في معنَى التعاونِ على ما بيَّنَّا فيما تقدَّمَ، فكانَ إخراجُ غيرِ الصبيِّ والمَجنونِ كإخراجِ الصبيِّ والمَجنونِ ضَرورةَ الاتِّحادِ.

وعلى هذا الخلاف إذا كانَ فيهم ذُو رَحمٍ مُحرَّمٍ مِنْ المسروقِ منهُ أنه لا قطْعَ على أحَدٍ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَ أبي يُوسفَ يُدرأُ عن ذي الرَّحمِ المُحرَّمِ ويَجبُ على الأجنَبيِّ، ولا خلافَ في أنه إذا كانَ فيهم شَريكُ المَسروقِ منه أنه لا قطْعَ على أحَدٍ (١).

الاختِيارُ: (عَدمُ الإكراهِ على السَّرقةِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الإنسانِ إذا أُكرِهَ على السرقةِ، هل يُقامُ عليهِ الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يُقامُ عليه حَدُّ السرقةِ؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ : «إنَّ اللهَ وضَعَ عن أمَّتي الخطَأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهُوا عليهِ» (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٦٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>