للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَانيًا: وَقفُ المَنقولِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الشيءِ المَنقولِ كالأثاثِ والحَيوانِ والسِّلاحِ والعَبيدِ والشَّجرِ، هل يَصحُّ وَقفُه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المُعتمَدِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى جَوازِ وَقفِ المَنقولِ مِنْ أثاثٍ وحَيَوانٍ وسِلاحٍ وعَبدٍ وثَوبٍ، وذلكَ لإجماعِ المُسلمينَ على صِحَّةِ وَقفِ الحُصرِ والمَصابيحِ في المَساجدِ مِنْ غَيرِ نكيرٍ، ولِما رَواهُ الشَّيخانِ عن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «وأمَّا خالِدٌ فإنَّكُم تَظلِمونَ خالِدًا، قد احتَبَسَ أدْراعَه وأعْتُدَهُ في سَبيلِ اللهِ» وفي رِوايةٍ: «وأعتَادَهُ» (١).

قالَ أَهلُ اللُّغَةِ: الأعتادُ: آلاتُ الحَربِ مِنْ السِّلاحِ والدَّوابِّ وغَيرها، والواحِدُ عَتادٌ -بفَتحِ العَينِ-، ويُجمَعُ: أعتَادًا وأَعتُدةً.

والسِّلاحُ في لُغةِ العَربِ: السُّيوفُ والرِّماحُ والقِسيُّ والنَّبلُ والدُّروعُ والجَواشِنُ، وما يُدافَعُ به كالطَّبرزينِ والدُّبُّوسِ والخِنجرِ والسَّيفِ بحَدٍّ واحِدٍ والدَّرَقِ والتِّراسِ، ولا يَقعُ اسمُ السِّلاحِ على سَرجٍ ولا لِجامٍ ولا مِهْمازٍ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وفيه -أي حَدِيث خالدٍ- دَليلٌ على صِحةِ وَقفِ المَنقولِ، وبه قالَتْ الأمَّةُ بأسرِها إلَّا أبا حَنيفةَ وبَعضَ الكُوفِيِّينَ (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٩٨٣).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٧/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>