للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: إنَّ دعواهُ الزنا عليها لا يُبِينُها، ولو كان النكاحُ ينفسخُ به لَانفسَخَ بمجرَّدِ دعواهُ كالرَّضاعِ، ولأنها مَعصيةٌ لا تُخرِجُ عن الإسلام، فأشبَهَتِ السرقةَ، فأما اللِّعانُ فإنه يَقتضي الفسخَ بدونِ الزنا؛ بدليلِ أنها إذا لاعَنَتْه فقدْ قابلَتْه، فلمْ يَثبتْ زناها، ولذلكَ أوجَبَ النبيُّ الحَدَّ على مَنْ قذَفَها، والفسخُ واقعٌ.

ولكنَّ أحمدَ استَحبَّ للرجلِ مُفارَقةَ امرأتِه إذا زَنَتْ، قالَ: لا أرَى أنْ يُمسكَ مثلَ هذه، وذلكَ أنه لا يُؤمَنُ أن تُفسِدَ فراشَه وتُلحِقَ به ولَدًا ليسَ منه، قالَ ابنُ المُنذرِ: لعلَّ مَنْ كَرِهَ هذه المرأةَ إنما كَرِهَها على غيرِ وجهِ التحريمِ، فيكونُ مثلَ قولِ أحمدَ هذا (١).

هلْ يَجوزُ للزَّوجِ أنْ يطَأَ زوْجَتَه التي زَنَتْ أم لا؟

اختَلفَ الفقهاءُ في ذلكَ، فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنه يَجوزُ وَطؤُها.

قالَ الحَنفيةُ: لو زنَتِ امرأةُ رَجلٍ لم تَحرمْ عليهِ وجازَ له وَطؤُها عَقِبَ الزنا (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: يَصحُّ نكاحُ الحاملِ مِنَ الزنا وله وَطؤُها على الصحيحِ كالحائلِ؛ إذْ لا حُرمةَ لهُ، ولمْ يفرِّقُوا بينَ الزوجةِ وغيرِها (٣).


(١) «المغني» (٧/ ١٠٨، ١٠٩).
(٢) «البحر الرائق» (٣/ ١٠٣)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٤٨٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٠).
(٣) «المهذب» (٢/ ٤٥)، و «نهاية المطلب» (١٢/ ٢١٩، ٢٢٠)، و (١٤/ ٣٠٦)، و «البيان» (٩/ ٢٧٠، ٢٧١)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٩٣)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٣٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>