للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هَذا: في قَدْرِ الأرشِ القولانِ الأولانِ.

فَكلُّ مَوضِعٍ أوجَبْنا لِلخيَّاطِ الأُجرةَ فيه فإنَّ الخيَّاطَ لا يَرجِعُ في الخُيوطِ؛ لأنَّها إنْ كانَتْ مِنْ الثَّوبِ فهي لِصاحِبِ الثَّوبِ، وإنْ كانَتْ لِلخيَّاطِ فهي تابِعةٌ لِلخِياطةِ التي أخَذَ عليها الأُجرةَ.

وَكلُّ مَوضِعٍ قُلْنا فيه: لا أُجرةَ لَه، فإنْ كانَ الثَّوبُ مَخيطًا بخُيوطٍ مِنْ ربِّ الثَّوبِ، أو مِنْ الثَّوبِ فإنَّ ربَّ الثَّوبِ يأخُذُ ثَوبَه مَخيطًا، وليسَ لِلخيَّاطِ فَتقُ الخِياطةِ؛ لأنَّه قد عَمِلَ في مِلْكِ غَيرِه عَملًا لا عَينَ له فيه، فلَم يكُنْ له إزالَتُه، كَما لَو نقلَ مِلْكَ غَيرِه مِنْ زاويةٍ إلى زاويةِ، فليسَ له رَدُّه إلَّا برِضا المالِكِ، وإنْ كانَتِ الخُيوطُ مِنْ الخيَّاطِ، فلَه أنْ يأخُذَ خُيوطَهُ؛ لأنَّها عَينُ مالِه، فإنْ بذلَ له ربُّ الثَّوبِ قِيمةَ الخُيوطِ لَم يُجبَرِ الخيَّاطُ على قَبولِها؛ لأنَّها عَينُ مالِ الخيَّاطِ لا يَتلفُ برَدِّها ما له حُرمةٌ، فلَم يَلزَمْه أخْذُ عِوَضِها، فإنْ قالَ ربُّ الثَّوبِ: أنا أشُدُّ بطَرَفِ خَيطِك خَيطًا، فإذا جَرَرتُ خَيطَك دخلَ هذا الخَيطُ مَكانَ خَيطِك، لَم يَلزمِ الخيَّاطَ تَمكينُه مِنْ ذلك؛ لأنَّه انتِفاعٌ بمِلْكِه، ولأنَّه يَتأخَّرُ بذلك وُصولُه إلى خَيطِه إلى أنْ يَثبُتَ الخَيطُ الآخَرُ مَكانَه، فلَم يُجبَرْ على ذلك (١).

٧ - الاختِلافُ في انقِضاءِ مدَّةِ الإجارةِ:

إذا اختَلفَ ربُّ الدَّارِ والمُستَأجِرُ في انقِضاءِ المدَّةِ، فقد نَصَّ المالِكيَّةُ على أنَّ القولَ قولُ المُستَأجِرِ السَّاكِنِ.


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٧/ ٤٠٠، ٤٠٤)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٣٦)، و «المهذب» (١/ ٤١٠)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>