للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوالِدِ والولدِ شُبهةً في مالِ الآخرِ؛ لوُجوبِ نَفقتِه فيه، ولأنَّ بوُجودِ البَعضيةِ بينَهُما يَجري مَجرَى نفسِه، فلمْ يُقطَعْ في حقِّ نفسِه، ولأنَّ ولَدَه أحَبُّ إليهِ وأعَزُّ عليهِ مِنْ مالِه، فعُدمَ فيه معنَى القَطعِ فسقَطَ عنهُ.

ولأنَّ بينَهُما قَرابةً تَمنعُ قَبولَ شهادةِ أحدِهما لصاحبِه، فلمْ يُقطَعْ بسَرقةِ مالِه كالأبِ، ولأنَّ النفقةَ تَجبُ في مالِ الأبِ لابنِه حِفظًا له، فلا يَجوزُ إتلافُه حِفظًا للمالِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ وأبو ثَورٍ وابنُ المُنذِرِ إلى أنه يُقطَعُ؛ لأنَّ الابنَ لا شُبهةَ له في مالِ أبيه، بدَليلِ أنه لو زنَى بأمَتِه لَحُدَّ (٢).

ثالثًا: سَرقةُ الأقاربِ بعضِهم مِنْ بعضٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الأقاربِ كالإخوَةِ والأعمامِ والأخوالِ -أي ما سوَى الآباءِ والأبناءِ- إذا سرَقَ أحَدُهم مِنْ الآخَرِ، هل يُقامُ عليهِ حَدُّ السرقةِ وتُقطَعُ يَدُه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ سَرقةَ الأقاربِ بعضِهم مِنْ بعضٍ ليسَتْ بشُبهةٍ تَدرأُ الحَدَّ عن السارقِ، فيُقطَعونَ إذا سَرقَ بعضُهم مِنْ بعضٍ، سواءٌ تَوارَثوا أو كانوا مَحارمَ أو لم يَكونُوا


(١) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «اللباب» (٢/ ٣٢٨)، و «الأم» (٦/ ١٥١)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٤٧، ٣٤٩)، و «المغني» (٩/ ١١٦)، و «الكافي» (٤/ ١٧٩).
(٢) «الاستذكار» (٧/ ٥٥٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٤٨٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٩)، و «المغني» (٩/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>