لكانَ عَدلُه على وَجهٍ آخَرَ، وبهذا يُمكنُ الحُكمُ بينَ الناسِ، وإلا لو اعتُبِرَ في شُهودِ كلِّ طائِفةٍ، ألَّا يَشهدَ عليهم إلا مَنْ يَكونُ قائِمًا بأَداءِ الواجِباتِ، وتَركِ المُحرَّماتِ، كما كانَ الصَّحابةُ، لبطَلَت الشَّهاداتُ كلُّها، أو غالِبُها.
وقالَ: يَتوجَّهُ أنْ تُقبلَ شَهادةُ المَعروفينَ بالصِّدقِ، وإنْ لم يَكونوا مُلتزِمينَ للحُدودِ، عندَ الضَّرورةِ، مِثلَ الحَبسِ، وحَوادثِ البَدوِ، وأهلِ القَريةِ الذين لا يُوجدُ فيهم عَدلٌ، وله أُصولٌ، منها: شَهادةُ أهلِ الذِّمةِ، وشَهادةُ الصِّبيانِ والنِّساءِ، فيما لا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ، والشُّروطُ في القُرآنِ في التَّحمُّلِ لا الأَداءِ (١).
تَعريفُ العَدالةِ:
العَدالةُ عندَ عامةِ الفُقهاءِ تَكونُ في صَلاحِ الدِّينِ من أَداءِ الفَرائِضِ واجتِنابِ الكَبائرِ، والإِصرارِ على الصَّغائرِ واجتِنابِ خَوارمِ المُروءةِ، وهي الأُمورُ الدَّنيئةُ المُزريةُ مِنْ الأَفعالِ أو الأَقوالِ.
وليسَت العَدالةُ أنْ يُمحِّصَ الرَّجلُ الطاعةَ حتى لا يَشوبَها مَعصيةٌ إذ ذلك مُتعذَّرٌ لا يُقدَرُ عليه، لكنْ مَنْ كانَت الطاعةُ أكثَرَ حالِه وأغلَبَها وهو مُجتنِبٌ للكَبائرِ مُحافِظٌ على تَركِ الصَّغائرِ فهو العَدلُ.
قالَ الحَنفيةُ: تَفسيرُ العَدلِ: أنْ يَكونَ مُجتنِبًا للكَبائرِ ولا يَكونَ مُصرًّا على الصَّغائرِ، ويَكونَ صَلاحُه أكثَرَ من فَسادِه، وصَوابُه أكثَرَ من خَطئِه.
فتُقبلُ شَهادةُ مَنْ كانَت حَسناتُه أغلَبَ من سَيِّئاتِه إذا كانَ ممَّن يَجتنِبُ