وسبَقَه إليه القَموليُّ فقالَ في «الرَّهن»: يَكفي التَّصرفُ بالرَّهنِ ونَحوِه، وكِلاهما ضَعيفٌ.
والفَرقُ بينَ هذا والهَديةِ ونَحوِ الوَكيلِ واضِحٌ؛ إذِ النَّقلُ للإِكرامِ الذي استَلزَمته الهَديةُ عادةً يَقتَضي عَدمَ الاحتِياجِ للفَظٍ في القَبولِ وليسَ كذلك هنا.
ونَحوُ الوَكالةِ لا يَقتَضي تَملُّكَ شَيءٍ فلا يُشبهُ ما هنا، وإنَّما يُشبِهُه -أي: ما هنا- الهِبةُ، وهي لا بُدَّ فيها من القَبولِ لَفظًا (١).
وَقتُ قَبولِ الوَصيةِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ خِلافًا لزُفرَ على أنَّ العِبرةَ في قَبولِ الوَصيةِ بعدَ مَوتِ المُوصي، ولا حُكمَ للقَبولِ ولا للرَّدِّ قبلَ مَوتِه، فلو قبلَ في حَياتِه ثم رَدَّ بعدَ مَوتِه أو رَدَّ في حَياتِه ثم قبِلَ بعدَ مَوتِه فلا حُكمَ له؛ إذْ لا حَقَّ له في القَبولِ أو الرَّدِّ قبلَ المَوتِ فأشبَهَ إِسقاطَ الشُّفعةِ قبلَ البَيعِ، ولأنَّ الوَصيةَ لم تَقعْ بعدُ فأشبَهَ رَدَّ المَبيعِ قبلَ إِيجابِ البَيعِ، ولأنَّه ليسَ بمَحلٍّ للقَبولِ فلا يَكونُ مَحلًّا للرَّدِّ كما قبلَ الوَصيةِ.