للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المَوصليُّ الحنَفيُّ بعدَما أجازَ التَّعريضَ بالخِطبةِ: وهذا كلُّه في المَبتوتةِ -أي المُطلَّقةِ ثلاثًا- والمُتوفَّى عنها زَوجُها، أمَّا المُطلَّقةُ الرَّجعيةُ فلا يَجوزُ التَّصريحُ ولا التلويحُ؛ لأنَّ نكاحَ الأولِ قائمٌ على ما بيَّنَّا (١).

ثانيًا: التَّعريضُ بالخِطبةِ للمُطلَّقةِ ثلاثًا:

اختَلفَ فُقهاءُ المُسلمينَ في المرأةِ المُطلَّقةِ ثَلاثًا، هل يَجوزُ التَّعريضُ لها في أثناءِ عدَّتِها أم لا يَجوزُ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ -وهو ما حكاهُ المَوصليُّ عن الحَنفيةِ- أنه يَجوزُ التَّعريضُ للمُطلَّقةِ ثلاثًا في عدَّتِها، وفي معنى المُطلَّقةِ ثلاثًا المُلاعنةُ والمحرَّمةُ بمُصاهرةٍ أو رَضاعٍ، لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)[البقرة: ٢٣٥]، فأباحَ اللهُ التَّعريضَ بالنكاحِ في العِدةِ.

ولأنَّ فاطمةَ بنتَ قيسٍ طلَّقَها زَوجُها فبَتَّ طلاقَها، فقالَ لها النبيُّ : «إذا حلَلْتِ فآذنيني» فعن فاطِمةَ بنتِ قيسٍ أنَّ أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طلَّقَها البتَّةَ وهو غائِبٌ، فأرسَلَ إليها وَكيلُه بشَعيرٍ فسَخِطَته، فقالَ:


(١) «الاختيار» (٣/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>