للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَوضِعُ الأولُ: إذا نقَصَ نَصيبُ كلِّ واحدٍ منهُم عن النِّصابِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو نقَصَ نَصيبُ كُلِّ واحِدٍ منهُم عن النِّصابِ، هل يَجبُ عليهِم القَطعُ جَميعًا أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنه لا قطْعَ على واحِدٍ منهُم؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ لم يَسرقْ نِصابًا، فلمْ يُقطَعْ كالمُنفرِدِ، قالَ الشافِعيةُ: ولأنَّ مُوجَبِ السَّرقةِ شَيئانِ: غُرمٌ وقَطعٌ، ثمَّ ثبَتَ أنَّ غُرمَ كُلِّ واحِدٍ منهُم مُعتبَرٌ بنَفسِه، فوجَبَ أنْ يَكونَ قَطعُه مُعتبَرًا بنَفسِه، ولأنه لمَّا امتَنعَ إذا سَرقَ الواحِدُ مِنْ ثَلاثةِ أحرازٍ نِصابًا أنْ يُقطَعَ ولا يُبنَى بعضُ فعلِه على بَعضٍ كانَ امتِناعُ قَطعِ الثلاثةِ إذا سَرقُوا مِنْ حِرزٍ نِصابًا أَولى، ولا يُبنَى فِعلُ بَعضِهم على بَعضٍ؛ لأنه بأفعالِ نَفسِه أخَصُّ منه بأفعالِ غَيرِه.

ويُخالِفُ اشتَراكَهم في القَتلِ لأمرَينِ:

الأولُ: لأنه لو لم نُوجِبْ عليهِم القِصاصَ لَجُعلَ الاشتِراكُ طَريقًا إلى إسقاطِ القِصاصِ، بخِلافِ السرقةِ، فلا يكونُ دَفعُ القطعِ طَريقًا لإسقاطِ الحَدِّ؛ للفَرقِ بينَهُما، وهو أنَّ المُشتركِينَ بالسرقةِ لا يَقصدونَ عادةً إلى سَرقةِ نِصابٍ واحدٍ؛ لقلَّةِ ما يُصيبُ كلُّ واحِدٍ منهُم.

والثَّاني: أنَّ القِصاصَ تَعلَّقَ بسَببٍ لا يَتجزَّأُ وهو إزهاقُ الرُّوحِ، فيُنسَبُ إلى جَميعِهم، بخلافِ السرقةِ؛ فإنَّ القَطعَ يَتعلقُ بسَببٍ يَتجزَّأُ، وهو أخذُ النِّصابِ وعَدمُ أخذِه (١).


(١) «الأم» (٦/ ١٤٩)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٩٧، ٢٩٨)، و «البيان» (١٢/ ٤٤١)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٦٨)، و «الاختيار» (٤/ ١٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٨٦)، و «اللباب» (٢/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>