اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ العِوضُ في الخُلعِ مَجهولًا مِثلَ أنْ تقولَ لهُ:«اخلَعْنِي على ما في يَدي مِنْ الدَّراهِمِ» وهو لا يَعلمُ ما في يَدِها، هل يَصحُّ الخُلعُ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالكيَّةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ الخُلعُ ولو كانَ العِوضُ المَبذولُ في الخُلعِ مَجهولًا، مِثلَ أنْ تُخالعَه على ما في يَدِها مِنْ الدَّراهمِ، وله ما جُعلَ لهُ؛ لأنَّ الطَّلاقَ معنًى يَجوزُ تَعليقُه بالشَّرطِ فجازَ أنْ يُستحقَّ به العِوضُ المَجهولُ كالوَصيةِ، ولأنَّ الخُلعَ إسقَاطٌ لحقِّهِ مِنْ البضعِ وليسَ فيهِ تَمليكُ شيءٍ، والإسقاطُ تَدخلُه المُسامَحةُ، ولذلكَ جازَ عن غَيرِ عوضٍ بخِلافِ النِّكاحِ، وإذا صَحَّ الخُلعُ فلا يَجبُ مَهرُ المِثلِ؛ لأنها لم تَبذلْه ولا فوتَتْ عليهِ ما يُوجِبُه، فإنَّ خُروجَ البُضعِ مِنْ مِلكِ الزَّوجِ غَيرُ مُتقوَّمٍ، بدليلِ ما لو أخرَجَتْه مِنْ مِلكِه برِدَّتِها أو رضاعِها لمَن يُفسَخُ به نِكاحُها لم يَجبْ عليها شيءٌ، ولو قتَلَتْ نفْسَها أو قتَلَها أجنَبيٌّ لم يَجبْ للزَّوجِ عِوضٌ إن طاوعَتْ لم يَكنْ للزَّوجِ شيءٌ، وإنَّما يُتقوَّمُ البُضعُ على الزَّوجِ في النِّكاحِ خاصَّةً، وأباحَ لها افتِداءَ نفْسِها لحاجتِها إلى ذلكَ، فيَكونُ الواجِبُ ما رضيَتْ ببَذلِه، فأمَّا إيجابُ شيءٍ لم ترْضَ بهِ فلا وجهَ له.
فعلى هذا إنْ خلَعَها على ما في يَدِها مِنْ الدَّراهمِ صَحَّ، فما كانَ في يَدِها مِنْ الدَّراهمِ فهي لهُ.