للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرُهم أنَّهُ لا بدَّ وأنْ يَكون بحَيثُ يَسمَعُه هو أو غيرُه، ولا دَليلَ على هذا مِنْ لُغةٍ ولا عُرفٍ ولا شَرعٍ، وليسَ في المَسألةِ إِجماعٌ.

قَالَ أَصحابُ أبِي حَنيفةَ -واللَّفظُ لصاحِبِ «الذَّخِيرة»: وشَرطُ الاستِثناءِ أنْ يَتكلَّمَ بالحُروفِ، سَواءٌ كانَ مَسمُوعًا أو لَم يَكنْ عندَ الشَّيخِ أَبي الحَسنِ الكَرخيِّ.

وكانَ الفَقيهُ أَبو جَعفرٍ يَقول: لا بدَّ وأنْ يُسمِعَ نَفسَه، وبه كانَ يُفتِي الشَّيخُ أَبو بَكرٍ مُحمدُ بنُ الفَضلِ، وكانَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ يَميلُ إلَى هَذا القَولِ، وباللهِ التَّوفيقُ، وهَذا بعضُ ما يَتعلَّقَ بمَخرجِ الاستِثناءِ، ولَعلَّكَ لا تَظفَرُ بهِ في غيرِ هَذا الكِتابِ (١).

إذا حلَفَ وكرَّرَ اليَمينَ على شيءٍ واحدٍ أو على أَشياءَ مُتعَددةٍ:

إذا حلَفَ وكرَّرَ اليَمينَ فهذا لا يَخلو مِنْ عِدةِ صُورٍ:

الصُّورةُ الأُولى: إذا كرَّرَ اليَمينَ على شيءٍ واحدٍ مِرارًا:

نصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ الإِنسانَ إن كرَّرَ اليَمينَ على شيءٍ واحدٍ يُريدُ التَّوكيدَ مثلَ أنْ يَقولَ: «واللهِ لأَفعَلنَّ كذا .. واللهِ لأَفعَلنَّ كذا» أو قالَ: واللهِ لا أَكلتُ .. واللهِ لا أَكلتُ .. واللهِ لا أَكلتُ» كقولِ النَّبيِّ : «واللهِ لأَغْزوَنَّ قُريشًا .. واللهِ لأَغْزوَنَّ قُريشًا .. واللهِ لأَغْزوَنَّ قُريشًا، ثمَّ قالَ إنْ شاءَ اللهُ» (٢)، فإذا حنَثَ فإنَّه لا يَلزمُه إلا كَفارةٌ واحِدةٌ.


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٨١).
(٢) رواه أبو داود (٣٢٨٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>