للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوازُ مُقاتَلةِ قُطَّاعِ الطَّريقِ وإهدارُ دَمِهم:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جَوازِ قِتالِ قُطَّاعِ الطريقِ، وعلى أنَّ الإنسانَ إذا لم يَستطعِ الدفعَ عن نَفسِه إلا بقَتلِهم جازَ له قَتلُهم، ودَمُهم هَدرٌ لا قَوَدَ فيه ولا ديَةَ؛ لِما رُويَ عن أبي هُرَيرةَ قالَ: «جاءَ رَجلٌ إلى رَسولِ اللهِ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ أرَأيتَ إنْ جاءَ رَجلٌ يُريدُ أخْذَ مالي؟ قالَ: فلا تُعطِه مالَكَ، قالَ: أرَأيتَ إنْ قاتَلَني؟ قالَ: قاتِلْهُ، قالَ: أرَأيتَ إنْ قتَلَني؟ قالَ: فأنتَ شَهيدٌ، قالَ: أرَأيتَ إنْ قَتلتُه؟ قالَ: هوَ في النارِ» (١).

قالَ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ : لا نَعلمُ خِلافًا أنَّ رَجلًا لو شهَرَ سيفَه على رَجلٍ ليَقتلَه بغيرِ حَقٍّ أنَّ على المُسلمينَ قَتلُه، فكذلكَ جائزٌ للمَقصودِ بالقتلِ قتلُه (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : أجمَعَ المُسلمونَ على جَوازِ مُقاتَلةِ قُطَّاعِ الطريقِ، وقد ثبَتَ عن النبيِّ أنه قالَ: «مَنْ قُتلَ دونَ مالِه فهو شَهيدٌ»، فالقُطَّاعُ إذا طَلَبوا مالَ المَعصومِ لم يَجبْ عليه أنْ يُعطيَهم شيئًا باتِّفاقِ الأئمَّةِ، بل يَدفعُهم بالأسهَلِ فالأسهلِ، فإنْ لم يَندفِعوا إلا بالقِتالِ فله أنْ يُقاتلَهم، فإنْ قُتلَ كانَ شَهيدًا، وإنْ قتَلَ واحدًا منهُم على


(١) رواه مسلم (١٤٠).
(٢) «أحكام القرآن» (٤/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>