للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وكذا كَونُ الزوجِ طائِعًا وجادًّا وعامِدًا ليسَ بشَرطٍ لجَوازِ الرَّجعةِ، فتَصحُّ الرَّجعةُ مع الإكراهِ والهَزلِ واللَّعبِ والخَطأِ؛ لأنَّ الرَّجعةَ استبقاءُ النكاحِ وأنه دونَ الإنشاءِ، ولم تُشترطْ هذهِ الأشياءُ للإنشاءِ، فلَأنْ لا تُشترطَ للاستِبقاءِ أَولى، وقَد رُويَ في بَعضِ الرِّواياتِ: «ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جدٌّ: النكاحُ والرَّجعةُ والطلاقُ» (١).

الرُّكنُ الثاني: الزَّوجةُ:

اشتَرطَ الفُقهاءِ في الزَّوجةِ عدَّةَ شُروطٍ لا بُدَّ مِنْ تَوافرِها لصحَّةِ الرَّجعةِ:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ تكونَ مَدخولاً بها:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ عَلى أنه يُشترطُ لصحَّةِ الرَّجعةِ أنْ يَكونَ الطلاقُ بعْدَ الدُّخولِ، فإنْ كانَ قبلَه فلا رَجعةَ؛ لأنَّه لا عدَّةَ على غَيرِ المَدخولِ بهَا، والرَّجعةُ تُملَكُ في العدَّةِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿ … ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩] (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ غيرَ المَدخولِ بها تَبينُ بطَلقةٍ واحدةٍ، ولا يَستحقُّ مُطلِّقُها رَجْعتَها؛ وذلكَ لأنَّ الرجعةَ إنَّما تَكونُ في العدَّةِ، ولا عدَّةَ قبلَ الدُّخولِ؛ لقَولِ اللهِ سُبحانَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٦، ١٨٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>