للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الصَّداقِ أو المَهرِ في عَقدِ النِّكاحِ:

الصَّداقُ واجِبٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ.

أمَّا الكِتابُ: فقولُه تعالَى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] (١) أي: عن طِيبِ نَفسٍ بالفريضةِ التي فَرَضَ اللهُ.

وقَولُه: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [النساء: ٢٤].

وقولُه تعالَى: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٢٥].


(١) قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : وفيمَن تَوجَّهَ إليه هذا الخِطابُ قَولانِ: أحَدُهما: أنه مُتوجِّهٌ إلى الأزواجِ، وهو قولُ الأكثرِينَ، والثاني: أنه مُتوجهٌ إلى الأولياءِ؛ لأنهم كانُوا يَتملَّكونَ في الجَاهليةِ صَداقَ المَرأةِ، فأمَرَهم اللهُ تَعالى بدَفعِ صَداقهنَّ إليهنَّ، وهذا قولٌ أبي صالحٍ.
وفي «نِحْلةٍ» ثَلاثُ تأويلاتٍ: أحَدُها: يَعني تَديُّنًا، مِنْ قَولِهم: «فُلانٌ يَنتَحلُ كذا» أي: يَتدَّينُ به.
والثاني: بطِيبِ نَفسٍ كما تَطيبُ النَّفسُ بالنحلِ المَوهوبِ.
والثالِثُ: أنه نِحلٌ مِنْ اللهِ تعالَى لهُنَّ بعدَ أنْ كانَ مِلكًا لأوليائِهنَّ، والنِحلُ الهِبةُ، وقالَ اللهُ تعالَى فيما حكاهُ عن شُعيبٍ في تَزويجٍ موسَى بابنتِه قالَ: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٧]، ولم يَقلْ: «على أنْ تَأجُرَها»، فجعَلَ الصداقَ مِلكًا لنفسِه دُونَها ثمَّ قالَ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤]، يعني: الزَّوجات إنْ طِبْنَ نَفسًا عن شيءٍ مِنْ صَدُقاتِهنَّ لأزواجهِنَّ في قولِ مَنْ جعَلَه خِطابًا للأزواجِ، ولأوليائِهنَّ في قولِ مَنْ جعَلَه خِطابًا للأولياءِ، ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾ [النساء: ٤] يعني: لذيذًا نافعًا. «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>