للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتقبَّلُ أعمالًا لِجَماعةٍ في وَقتٍ واحِدٍ، يَعمَلُ لَهم، فيَشتَرِكونَ في مَنفعَتِه؛ كالحائِكِ والقَصَّارِ والطَّبَّاخِ والحَمَّالِ؛ فلِذلك سُمِّيَ مُشترَكًا، فتَتعلَّقُ الإجارةُ بذِمَّتِه، لا بعَيْنِه، ولا يَستَحقُّ الأُجرةَ إلَّا بتَسليمِ عَملِه دونَ تَسليمِ نَفْسِه، بخِلافِ الأجيرِ الخاصِّ؛ فنَفعُه مُقدَّرٌ بالزَمنِ، وتَقدَّمَ (١).

ضَمانُ الأجيرِ المُشترَكِ:

وقد كانَ الحُكمُ في يَدِ الأجيرِ المُشترَكِ؛ كالأجيرِ الخاصِّ، كلٌّ مِنهما يَده يَد أمانةٍ، لا يَضمَنُ هَلاكَ الشَّيءِ إلَّا بالتَّعدِّي أو بالتَّقصيرِ، لَكِنْ نَظَرًا لِفَسادِ دِيانةِ النَّاسِ وكَثرةِ ادِّعائِهمُ التَّلَفَ؛ أوجَبَ الفُقهاءُ تَضمينَ الأجيرِ المُشترَكِ لِمَصلَحةِ النَّاسِ في ذلك.

قالَ ابنُ رُشدٍ : والأصْلُ في الصُّنَّاعِ -الأجيرِ المُشترَكِ- أنْ لا ضَمانَ عليهم؛ وأنَّهم مُؤتَمَنونَ؛ لأنَّهم أُجَراءُ، وقَد أسقَطَ النَّبيُّ الضَّمانَ عن الأجيرِ.

وَخَصَّصَ العُلماءُ مِنْ ذلك الصُّنَّاعَ وضَمَّنوهم؛ نَظَرًا واجتِهادًا؛ لِضَرورةِ النَّاسِ، وكانَ هذا مِنْ الأُمورِ الغائِبةِ الغالِبةِ التي تَجِبُ مُراعاتُها (٢).

قالَ ابنُ وَهبٍ : قالَ لي مالِكٌ : إنَّما يَضمَنُ الصُّنَّاعُ ما دُفِعَ إلَيهم ممَّا يُستَعمَلونَ، على وَجْهِ الحاجةِ إلى أعمالِهم، وليسَ


(١) «المبدع» (٥/ ١٠٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٦٧)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٧٨).
(٢) «التاج والإكليل» (٤/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>