للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الرابِعُ: المَوهوبُ:

الشَّيءُ المَوهوبُ هو المَعقودُ عليه في الهِبةِ، وقد اتَّفقَ الفُقهاءُ في الجُملةِ على أنَّ كلَّ ما جازَ بَيعُه جازَت هِبتُه، إلا أنَّهم استَثنَوْا بعضَ الاستِثناءاتِ على هذا الضابِطِ كما سيَأتي.

قالَ المالِكيةُ: الهِبةُ تَصحُّ في كلِّ مَملوكٍ للواهِبِ ذاتًا أو مَنفعةً يُنقلُ شَرعًا كالدارِ والثَّوبِ ومَنافعِهما، لا ما لا يَقبلُ النَّقلَ كالاستِمتاعِ بالزَّوجةِ وأُمِّ الوَلدِ وكالشُّفعةِ، ولو كانَ مَجهولًا أو كَلبًا مأذونًا في اتِّخاذِه وآبِقًا ودَينًا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: كلُّ ما جازَ بَيعُه جازَ هِبتُه بالأَولى؛ لأنَّ بابَها أوسَعُ، وكلُّ ما لا يَجوزُ بَيعُه كمَجهولٍ ومَغصوبٍ لغيرِ قادِرٍ على انتِزاعِه وضالٍّ وآبِقٍ فلا تَجوزُ هِبتُه بجامِعِ أنَّها تَمليكٌ في الحياةِ، وهذا هو الغالِبُ، إلا حَبتَيِ الحِنطةِ ونَحوِهما من المُحقَّراتِ؛ فإنَّها يَمتنعُ بَيعُها لا هِبتُها اتِّفاقًا؛ إذْ لا مَحذورَ أنْ يَتصدَّقَ الإِنسانُ بالمُحقَّرِ كما في الخبَرِ عن النَّبيِّ (٢).


(١) «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٢، ١٠٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٩٠، ٤٩٣)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥، ٦)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣، ٤)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣٩٤)، و «الشرح الصغير» (٩/ ٢٠٣).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٧٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩١)، و «تحفة المجتاج» (٧/ ٥٧٠، ٥٧٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٦٩)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>