للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: الوطءُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ الإسلامِ على أنَّ الرَّجلَ إذا عقَدَ على المرأةِ عَقدًا صَحيحًا ودخَلَ بها ووَطِئَها أنهُ يَجبُ لها المَهرُ كامِلاً؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، فلمَّا أثبَتَ للزَّوجِ الرُّجوعَ بنصفِ الصَّداقِ بالطَّلاقِ قَبْلَ المَسِيسِ … دَلَّ على أنهُ لا يَرجعُ عليها بشيءٍ منهُ بعْدَ المَسيسِ.

وقالَ في آيةٍ أُخرى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٢١]، وفُسِّرَ (الإفضاءُ) بالجِماعِ.

وإنْ كانَ الوَطءُ حَرامًا كما لو وَطِئَها وهي صائِمةٌ أو مُحرِمةٌ أو مُعتكِفةٌ أو في الحيضِ أو النَّفاسِ؛ لأنَّ وَطءَ الشُّبهةِ يُوجِبُ المهرَ ابتِداءً، فالوطءُ في النِّكاحِ أَولَى أنْ يُقرِّرَ المهرَ الواجِبَ؛ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «فإنْ دخَلَ بها فلها المَهرُ بما استَحَلَّ مِنْ فَرْجِها» (١).

وكذا يَتقرَّرُ بالوَطءِ في الدُّبُرِ عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ؛ لأنهُ مَوضِعٌ يَجبُ بالإيلاجِ فيهِ الحَدُّ، فاستَقرَّ بهِ المَهرُ كالفَرجِ.

وفي قَولٍ للشَّافعيةِ: لا يَستَقرُّ لها المُسمَّى؛ لأنَّ المَهرَ في مُقابَلةِ ما يَملكُه بالعَقدِ، والوَطءُ في الدُّبُرِ غَيرُ مَملُوكٍ في العَقدِ، فلم يَستقرَّ بهِ المَهرُ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢)، وأحمد (٢٥٣٦٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>