للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يُخيَّرُ الوَلدُ إذا بلَغَ سِنَّ التَّمييزِ أم لا؟

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ -كما تَقدَّمَ- على أنَّ الأمَّ إذا طلقَتْ مِنْ زوجِها ولم تَتزوجْ أنها أحَقُّ بالوَلدِ.

واتَّفقُوا أيضًا على أنَّ الغُلامَ الصَّغيرَ لا يُخيَّرُ إلى أنْ يَبلغَ سِنَّ التَّمييزِ وهو سَبعُ سَنواتٍ، ويَثبتُ للأمِّ الحَقُّ في الحَضانةِ إلى سِنِّ التَّمييزِ بلا خِلافٍ بينَهُم (١).

ثمَّ اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَلدِ -الغُلامِ أو الأُنثى- إذا بلَغَ سبْعَ سِنينَ، هل يَثبتُ له التَّخييرُ بينَ أبوَيهِ عندَ تُنازعِ الأبوَينِ فيَذهبُ عندَ أيِّهما شاءَ؟ أم لا يَثبتُ له ويَكونُ عندَ الأمِّ إلى البُلوغِ أو الزَّواجِ بالبِنتِ؟ على خِلافٍ بينَهُم في ذلكَ.

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّ الولَدَ يَكونُ عندَ أمِّه ولا يُخيَّرُ قبلَ البُلوغِ.

قالَ المالِكيةُ: ويَكونُ الغُلامُ عندَ أمِّه إلى أنْ يَبلغَ، والجاريةُ إلى أنْ تَتزوَّجَ ويَدخلَ بها زَوجُها؛ لأنَّ الابنةَ تَحتاجُ إلى الحِفظِ والمُراعاةِ إلى أكثَرَ ممَّا يَحتاجُ إليه الابنُ، وبُلوغُها لا يُزيلُ ذلكَ؛ لأنها مُعرَّضةٌ للأزواجِ، وبنَفسِ بُلوغِها لا تَعرفُ مَصالحَ نَفسِها، والأزواجُ يَرغَبونَ فيمَن يَكنفُها أبوها وأمُّها ومَن لم تَخرجْ عن حَضانتِهما ومُراعاتِهما أكثَرَ مِنْ رَغبتِهم في المُتخليةِ بنَفسِها، فكانَتِ المَصلحةُ لها في تَبقيةِ حقِّ الحَضانةِ عليها (٢).


(١) «جامع المسائل» (٣/ ٤٢٦).
(٢) «المعونة» (١/ ٦٤٢) التاج والإكليل» (٣/ ٢٥٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٠٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>