ولَم أجِدْ قَولًا لِلشافِعيَّةِ في هذه المَسألةِ، وإنْ كان مُقتَضى كَلامِهم يَدلُّ على عَدمِ الجَوازِ؛ لأنَّهم قالوا: يَجِبُ على العامِلِ أنْ يَتصرَّفَ مُحتاطًا، وهذا ليس مِنَ الاحتياطِ، واللهُ ﷾ أعلَمُ.
قال الحَنفيَّةُ: إذا قبَض المُضارِبُ مالَ المُضاربةِ فليس له أنْ يَشتريَ بأكثَرَ مِنْ رأسِ المالِ الذي في يَدِه؛ لأنَّ الزِّيادةَ تَكونُ دَينًا وليس في يَدِه مِنْ مالِ المُضاربةِ ما يُؤدِّيه حتى لو اشتَرى سِلعةً بألفَيْ دِرهَمٍ ومالُ المُضاربةِ ألفٌ، كانت حِصَّةُ الألفِ مِنَ السِّلعةِ المُشتراةِ لِلمُضاربةِ، وحِصَّةُ ما زادَ على الألفِ لِلمُضارِبِ خاصَّةً، له رِبحُ ذلك وعليه وَضيعتُه، والزِّيادةُ دَينٌ عليه في مالِه؛ لأنَّه يَملِكُ الشِّراءَ بالألفِ، ولا يَملِكُ الشِّراءَ بما زادَ عليها لِلمُضارَبةِ، ويَملِكُ الشِّراءَ لِنَفْسِه فوقَع له.
وكذلك قالوا: ليس لِلمُضارِبِ أنْ يَستدينَ على مالِ المُضارَبةِ إلا بالتَّنصيصِ عليه، ولو استَدانَ لَم يَجُزْ على رَبِّ المالِ، ويَكونُ دَينًا على المُضارِبِ في مالِه؛ لأنَّ الاستِدانةَ إثباتُ زِيادةٍ في رأسِ المالِ مِنْ غَيرِ رِضا رَبِّ المالِ، بل فيه إثباتُ زِيادةِ ضَمانٍ على رَبِّ المالِ مِنْ غَيرِ رِضاه؛ لأنَّ ثمَن المُشتَرَى برأسِ المالِ في بابِ المُضاربةِ مَضمونٌ على رَبِّ المالِ بدَليلِ