للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : واختَلفَ العُلماءُ في الرَّجلِ يَقولُ لزَوجتِه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» على ثَمانيةَ عشَرَ قَولًا (١). ثمَّ ذكَرَها.

وقد تَقدَّمَتِ المسألةُ في بابِ الطلاقِ بأوسَعَ مِنْ ذلكَ، وذكَرْتُ كَلامًا مُطوَّلًا للإمامِ ابنِ القيِّمِ ، فلْيُراجِعْه مَنْ شاءَ.

تَكرارُ الظِّهارِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ ظاهَرَ مِنْ زَوجتِه ثمَّ كفَّرَ ثمَّ ظاهَرَ مِنها مرَّة ثانيةً أنه يَلزمُه كفَّارةٌ ثانيةٌ؛ لأنَّ الظِّهارَ الثاني مِثلُ الأوَّلِ، فإنه حرَّمَ الزوجةَ المُحلَّلةَ فأوجَبَ الكفَّارةَ كالأوَّلِ.

إلا أنهُم اختَلفُوا فيما لو كرَّرَ الظِّهارَ مِرارًا ولم يَكنْ كفَّرَ، هل تُجزئُه كفَّارةٌ واحِدةٌ سَواءٌ نَوى التَّأكيدَ أو الاستِئنافَ؟ أم يَجبُ لكِلُّ ظِهارٍ كفَّارةٌ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيُّ في القَديمِ والحَنابلةُ في ظاهِرِ المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ ظاهَرَ مِنْ زَوجتِه مِرارًا ولَم يُكفِّرْ فلا يَلزمُه إلا كفَّارةٌ واحِدةٌ، سَواءٌ كانَ في مَجلسٍ أو مَجالِسَ، وسَواءٌ نَوى بهِ التأكيدَ أو الاستِئنافَ أو أطلَقَ؛ لأنه قَولٌ لم يُؤثِّرْ تَحريمًا في الزوجةِ، فَلم تَجبْ بهِ كفَّارةُ الظِّهارِ كاليَمينِ باللهِ


(١) «تفسير القرطبي» (١٨/ ١٨٠، ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>