للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُحتضَرُ: هو مَنْ حضَرَه المَوتُ ومَلائِكتُه، والمُرادُ: مَنْ قَرُب مَوتُه. وعَلاماتُ الاحتِضارِ كَثيرةٌ يَعرِفُها المُختصُّونَ، وقد ذكَرَ منها الفُقهاءُ: أنْ تَستَرخيَ قَدَماه، فلا تَنتَصِبانِ، ويَنعوِجَ أنفُه، ويَنخسِفَ صُدغَاه، وتَمتدَّ جِلدةُ الخِصيةِ، وتَمتدَّ جِلدةُ وَجهِه فلا يُرى فيها تَعطُّفٌ (١).

ما يُسنُّ لِلحاضِرينَ أنْ يَفعَلوه عندَ الاحتِضارِ:

أولًا: تَلقينُ المُحتضَرِ:

يَنبَغي على مَنْ حضَرَ المَيِّتَ أنْ يُلقِّنَه: «لا إلهَ إلا اللهُ» لقَولِه : «لقِّنُوا مَوتاكُم لَا إِلهَ إلا اللهُ [فإنَّه مَنْ كانَ آخِرُ كَلِمتِه لا إِلهَ إِلا اللَّهُ عندَ المَوتِ دخَلَ الجَنةَ يَومًا مِنْ الدَّهْرِ، وإِن أَصابَه قبلَ ذلك ما أَصابَه]» (٢). وغيرِ ذلك مِنْ الأَحاديثِ.

قال الكاسانِيُّ : المُرادُ مِنْ المَيِّتِ -في الحَديثِ- المُحتضَرُ؛ لأنَّه قرُبَ مَوتُه فسُمِّي ميِّتًا لقُربِه مِنْ المَوتِ (٣).

وقالَ النَّوويُّ : والأمْرُ بهذا التَّلقينِ أمرُ نَدبٍ، وأَجمعَ العُلماءُ على هذا التَّلقينِ، وكَرِهوا الإكثارَ عليه والمُوالاةَ لِئلَّا يَضجَرَ بضيقِ حالِه وشِدَّةِ كَربِه؛ فيَكرَهَ ذلك بقَلبِه، ويَتكلَّمَ بما لا يَليقُ، قالوا: وإذا قالَه مَرةً لا يُكرَّرُ عليه إلا أنْ يَتكلَّمَ بعدَه كَلامًا آخَرَ فيُعادَ التَّعريضُ به ليَكونَ آخِرَ


(١) «تبيين الحقائق» (/ ٢٣٤)، و «الجوهرة النيرة» (١/ ٣٩٧)، و «دور الحكام» (٢/ ٢٤٣)، و «البحر الرائق» (٢/ ١٨٤)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٢٦٣)، و «الهندية» (١/ ١٥٧).
(٢) رواه مسلم (٩١٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٧/ ٢٧٢)، والزيادة له.
(٣) «البدائع» (٢/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>