للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قالَ: «أَسالُك باللهِ» أو أَقسمَ «عليك باللهِ» أو «واللهِ لتَفعلنَّ كذا»:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ قالَ: «أَسألُك باللهِ أو أُقسمُ عليك باللهِ أو أَعزمُ عليك باللهِ لتَفعلنَّ كذا أو لا تَفعلُ كذا» هل يُعتبَرُ يَمينًا فيه الكَفارةُ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ مَنْ قالَ لغيرِه: اللهِ لتَفعلَنَّ كذا أو واللهِ لتَفعلَنَّ كذا فقالَ الآخرُ: «نَعم» فإنْ أَرادَ المُبتدَيءُ الحَلفَ وكذا المُجيبُ فهما حالِفانِ على كلٍّ منهما كَفارةٌ إن لَم يَفعلِ المُجيبُ؛ لأنَّ قولَه «نَعم» جَوابٌ وهو يَستَدعي إِعادةَ ما في السُّؤالِ فكأنَّه قالَ: «نَعم واللهِ لأَفعلَنَّ كذا» وإنْ نَوى المُبتدَيءُ الاستِحلافَ والمُجيبُ الحَلفَ فالمُجيبُ هو الحالِفُ وإنْ لَم يَنوِ كلٌّ منهما شَيئًا فالحالِفُ هو المُجيبُ في قولِه «الله» وفي قولِه «واللهِ» -بالواوِ- فالحالِفُ هو المُبتدِيءُ وإنْ أَرادَ المُبتدِيءُ الاستِحلافَ فأَرادَ المُجيبَ أنْ لا يَكونَ عليه يَمينٌ وأنْ يَكونَ قولُه «نَعم» وعدًا بلا يَمينٍ فهو كما نَوى ولا يَمينٌ على واحِدةٍ منهما ولو قالَ باللهِ فهو كقولِه «واللهِ» في جَميعِ ذلك (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ مَنْ قالَ: «أَسألُك باللهِ لتَفعلَنَّ كذا» أو «أَعزمُ عليك باللهِ إلا ما فَعلتَ كذا» فامتَنعَ فلا شيءَ على كلِّ واحِدٍ منهما؛ لأنَّها ليسَت بيَمينٍ، أَرادَ اليَمينَ أو لَم يُردْها؛ لأنَّ هذه اللَّفظةَ لَم يَتقرَّرْ لها عُرفٌ شَرعًا ولا لُغةً، مَوضوعُها استِدعاءُ الفِعلِ على وَجهِ المَسألةِ، وذلك ليسَ


(١) «شرح فتح القدير» (٥/ ٨٠)، و «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٣/ ٨٤٨، ٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>