الصُّورةُ السادِسةُ: أنْ يَتزوَّجَها وتَنوي المَرأةُ أو الزَّوجُ الأولُ التَّحليلَ دونَ الزوجِ الثاني:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الزوجَ إذا تَزوجَ المرأةَ وهي تَنوي التحليلَ -أي مِنْ أجْلِ أنْ يُحِلَّها لزوجِها الأولِ- أنَّ النكاحَ صحيحٌ؛ لمَا رواهُ عُروةُ بنُ الزُّبيرِ أنَّ عائشةَ زوْجَ النبيِّ ﷺ أخبَرَتْه «أنَّ رِفاعةَ القُرَظيَّ طلَّقَ امرأتَه فبَتَّ طلاقَها، فتَزوَّجَتْ بعْدَه عبدَ الرحمنِ بنَ الزَّبيرِ، فَجاءَتِ النبيَّ ﷺ فقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ إنها كانت تحتَ رفاعةَ فطَلَّقَهَا آخِرَ ثلاثِ تَطليقاتٍ، فتَزوَّجْتُ بعدَه عبدَ الرحمن بنَ الزَّبيرِ، وإنهُ واللهِ ما معهُ إلا مِثلُ الهُدْبةِ، وأخَذَتْ بهُدْبةٍ مِنْ جِلبابِها، قالَ: فتَبسَّمَ رَسولُ اللهِ ﷺ ضَاحكًا فقالَ: لعَلَّكِ تُريدِينَ أنْ تَرْجعِي إلى رِفاعةَ، لا حتى يَذوقَ عُسَيلتَكِ وتَذُوقِي عُسيلتَهُ» (١)، فهي قد نَوَتِ التحليلَ، ونِيتُها ليسَتْ بشيءٍ، ولأنَّ العقدَ إنما يَبطلُ بنيةِ الزَّوجِ؛ لأنهُ الذي إليهِ المُفارَقةُ والإمساكُ، أمَّا المرأةُ فلا تَملكُ رفْعَ العقدِ، فوُجودُ نيتِها وعَدمُها سَواءٌ، وكذلكَ الزوجُ
(١) رواه البخاري (٥٤٥٦)، ومسلم (١٤٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute