للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأيامُ مَتى صِيمَت مُتَّصِلةً كانت احتِذاءً لِفِعلِ النَّصارى، والنَّبيُّ لم يُرِدْ هذا، إنَّما أرادَ أنَّ مَنْ صامَ رَمضانَ فهو بعَشرةِ أشهُرٍ، ومَن صامَ سِتَّةَ أيامٍ فهي بشَهرَيْن، وذلك الدَّهرُ، ولو كانت من غَيرِ شَوَّالٍ لَكانَ الحُكمُ فيها كذلك، وإنَّما أشارَ النَّبيُّ بذِكرِ شَوَّالٍ لا على طَريقِ التَّعيينِ لِوُجوبِ مُساواةِ غَيرِها لها في ذلك، وإنَّما ذكَر شَوَّالًا على مَعنى التَّمثيلِ، وهذا مِنْ بَديعِ النَّظَرِ فاعلَموه (١).

وقال القَرافيُّ : واستحَبَّ مالِكٌ صيامَها في غَيرِه؛ خَوفًا من إلحاقِها برَمضانَ عندَ الجُهَّالِ وإنَّما عَيَّنَها الشَّرعُ مِنْ شَوَّالٍ لِلخِفَّةِ على المُكَلَّفِ بسَببِ قُربِه من الصَّومِ، وإلا فالمَقصودُ حاصِلٌ في غَيرِه، فيُشرَعُ التَّأخيرُ جَمعًا بينَ مَصلحَتَيْن (٢).

٢ - صَومُ عاشوراءَ وتاسُوعاءَ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على استِحبابِ صَومِ عاشُوراءَ وتاسُوعاءَ وهُما اليَومُ العاشِرُ واليَومُ التاسِعُ من المُحرَّمِ؛ لِقَولِ النَّبيِّ في صَومِ عاشوراءَ: «أَحْتَسِبُ على اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ» (٣).

وقَولِه : «لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»، قال ابنُ عَباسٍ : «فلم يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حتى تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ » (٤).


(١) «أحكام القرآن» (٢/ ٣٢١).
(٢) «الذخيرة» (٢/ ٥٣٠)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٥١٧)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٤٧).
(٣) رواه مسلم (١١٦٢).
(٤) رواه مسلم (١١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>