للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ الدِّماءِ؛ لأنه يُحتاطُ فيه ما لا يُحتاطُ في سائرِ الأبوابِ، ومع هذا لَم يُعتبَرْ، حتَّى يُقتَلُ الشَّريفُ بالوَضيعِ، فهاهُنا أَولى، والدَّليلُ عليهِ أنها لم تُعتبَرْ في جانِبِ المرأةِ، فكذا في جانبِ الزَّوجِ (١).

حُكمُ الكفاءَةِ في النكاحِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الكَفاءةِ، هلْ هي واجِبةٌ على الوليِّ؟ أم مُستحَبةٌ فيَجوزُ لهُ تَركُها وكذا للمرأةِ؟

فقالَ ابنُ الهُمامِ الحَنفيُّ : مُقتضَى الأدلَّةِ وُجوبُ إنكاحِ الأكْفاءِ … ثُمَّ هذا الوُجوبُ يَتعلَّقُ بالأولياءِ حقًّا لها، وبها حقًّا لهم … لكنْ إنَّما تَتحقَّقُ المَعصيةُ في حقِّهم إذا كانَتْ صَغيرةً؛ لأنها إذا كانَتْ كبيرةً لا يَنفذُ عليها تَزويجُهم إلَّا برِضاها فهي تارِكةٌ لحقِّها، كما إذا رَضيَ الوليُّ بتَركِ حقِّهِ حيثُ يَنفذُ، هذا كلُّه مُقتَضى الأدلَّةِ التي ذكَرْناها مع قطعِ النَّظرِ عَنْ غيرِها (٢).

وقالَ المالِكيةُ: للمَرأةِ وللوليِّ معًا تركُ الكَفاءةِ وتَزويجُها مِنْ فاسقٍ سِكِّيرٍ يُؤمَنُ عليها منهُ؛ وذلكَ لأنَّ الحَقَّ لهُما في الكَفاءةِ، فإذا أسقَطَا حَقَّهما مِنها وزوَّجَها مِنْ فاسِقٍ كانَ النكاحُ صَحيحًا على المُعتمَدِ.

فإنْ لم يَرضَيَا معًا فالقولُ لمَن امتَنعَ منهُما، وعلى الحاكمِ مَنعُ مَنْ رَضيَ منهُما وإنْ رَضيَتْ لِحقِّ اللهِ حِفظًا للنُّفوسِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣١٧)، و «المبسوط» (٥/ ٢٢).
(٢) «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>