اختَلفَ الفُقهاءُ في الشاهدَينِ، هل يَصحُّ أنْ يكونَا ابنَينِ للزَّوجينِ أو ابنًا لكلِّ واحِدٍ منهُما أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه يَصحُّ أنْ يكونَ ابنَا الزَّوجينِ شاهدَينِ في عَقدِ النكاحِ، بأنْ كانَ أحَدُهما ابنَ الزَوجِ والآخَرُ ابنَ الزَّوجةِ، أو ابنَي كلِّ واحِدٍ منهُما، أو ابنَيهِما معًا بأنْ وقعَتِ الفُرقةُ بينَ رَجلٍ وامرأةٍ ثمَّ تزوَّجَا بحُضورِ ابنَيهِما، فيَنعقدُ بشَهادةِ ابنَيهِ لا منها، وبشَهادةِ ابنَيها لا منه، وبشَهادةِ ابنَيهِ منها؛ لعُمومِ قولِه ﷺ:«إلَّا بوَليٍّ وشاهِدَي عَدلٍ»، ولأنه يَنعقدُ بهِما نكاحُ غيرِ هذا الزَّوجِ، فانعَقدَ بهما نِكاحُه كسائرِ العُدولِ، ولأنهُما مِنْ أهلِ الشَّهادةِ ويَنعقدُ بهِما النِّكاحُ في الجُملةِ، وكذا يَنعقدُ بالحَواشِي كالإخوةِ والأعمامِ إذا كانَ الوليُّ غيْرَهم، والأصلُ في هذا أنَّ كلَّ مَنْ يَصلحُ أنْ يكونَ وَليًّا في النكاحِ بوِلايةِ نَفسِه صَلحَ أنْ يكونَ شاهِدًا، ومَن لا فلا.
وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يَصحُّ بمُتهَمٍ لرَحمٍ كابْنَي الزَّوجينِ أو ابنَي أحَدِهما ونَحوِه كأبوَيهِما وابنِ أحَدِهما وأبِي الآخَرِ؛ للتُّهمةِ؛ لأنَّ الابنَ لا تُقبَلُ شهادتُه لوالِدهِ.
وعلى هذا الخِلافِ إذا كانَ الشاهِدانِ عَدوَّينِ لهُما أو لأحَدِهما (١).
(١) «المبسوط» (٥/ ٣٣)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٦)، و «درر الحكام» (٤/ ٥٢)، و «اللباب» (٢/ ١٩)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٤٦)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ١٠٧)، و «الهندية» (١/ ٢٦٧)، و «الدر المختار» (٣/ ٢٤)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٦١)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٦، ٥٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٥٥٧)، و «الديباج» (٣/ ١٨٨)، و «المغني» (٧/ ٨)، و «الفروع» (٥/ ١٤٢)، و «المبدع» (٧/ ٤٨)، و «الإنصاف» (٨/ ١٠٤، ١٠٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧١)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٥).