للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفَّارةُ في قَتلِ الجَنينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الجاني على الجَنينِ، هل تَجبُ عليهِ كفَّارةٌ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا يَجبُ عليهِ كفَّارةٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قرَنَ إيجابَ الكفَّارةِ بوُجوبِ الدِّيةِ بقَولِه: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ﴾ [النساء: ٩٢]، والجَنينُ لا ديَةَ فيه ولا كفَّارةَ فيه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه لا كفَّارةَ فيه، ولكنِ استَحسنَها مالِكٌ ولم يُوجبْها؛ لأنَّ الكفَّارةَ لمَّا لم تَجبْ عندَه في العَمدِ وتَجبُ في الخَطأِ وكانَ هذا مُتردِّدًا عندَه بينَ العَمدِ والخَطأِ استَحسنَ فيه الكفَّارةَ ولم يُوجبْها (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ الجاني يَلزمُه الكفَّارةُ (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وعلى كلِّ مَنْ ضرَبَ ممَّن ذكَرْتُ عِتقُ رقبةٍ مُؤمنةٍ، سَواءٌ كانَ الجَنينُ حيًّا أو مَيتًا، هذا قَولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، منهُم الحَسنُ وعطاءٌ والزهريُّ والحَكمُ ومالكٌ والشافِعيُّ وإسحاقُ.

قالَ ابنُ المُنذرِ: كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ أوجَبَ على ضارِبِ بطنِ المَرأةِ تُلقي جَنينًا الرقبةَ مع الغُرةِ، ورُويَ ذلكَ عن عُمرَ .

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا تَجبُ الكفَّارةُ؛ لأنَّ النبيَّ لم يُوجِبِ الكفَّارةَ حينَ أوجَبَ الغرَّةَ.


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٥/ ١٧٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣١٢).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٧٦)، و «البيان» (١١/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>