للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُزومُ العِوضِ بدونِ اشتِراطٍ:

الهِبةُ المُطلقةُ المُجردةُ عن ذِكرِ العِوضِ فيها إذا قبَضَها المَوهوبُ له، هل تَقتَضي الثَّوابَ فيَجوزَ للواهِبِ أنْ يَرجعَ في هِبتِه ما لم يُثَبْ منها أو لا تَقتَضي الثَّوابَ، ولا رُجوعَ له إنْ لم يَشترطِ الثَّوابَ، أو أنَّها تَقتَضي الثَّوابَ إذا كانت من الأَدنى للأَعلى، ولا تَقتَضي الثَّوابَ إذا كانَت من الأَعلى للأَدنى؟ على تَفصيلٍ في ذلك بينَ الفُقهاءِ، وهي على ثَلاثةِ أضرُبٍ:

الضَّربُ الأولُ: أنْ تَكونَ الهِبةُ من الأَعلى للأسفَلِ: مِثلَ أنْ يَهبَ السُّلطانُ لبَعضِ الرَّعيةِ، أو يَهبَ الغَنيُّ للفَقيرِ، أو يَهبَ الأُستاذُ لغُلامِه، فهذه لا تَقتَضي الثَّوابَ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ القَصدَ من هذه الهِبةِ القُربةُ إلى اللهِ تَعالى، دونَ المُجازاةِ.

قالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ: فإنْ وهَبَ لمَن هو أَعلى منه من غيرِ شَرطِ الثَّوابِ، فوهَبَ المَوهوبُ له للواهِبِ هِبةً كانَ ذلك ابتِداءَ عَطيةٍ تَلزمُ بالقَبضِ، وإنْ خرَجَ أحدُهما مَعيبًا أو مُستحَقًّا لم يَرجعِ المَوهوبُ له ببَدلِها.

الضَّربُ الثاني: هِبةُ النَّظيرِ للنَّظيرِ، كهِبةِ السُّلطانِ لمِثلِه، أو الغَنيِّ لمِثلِه، أو الفَقيرِ لمِثلِه، فهذه لا تَقتَضي الثَّوابَ أيضًا، ولا رَجعةَ له فيها عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ في المَذهبِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ القَصدَ بهذه الهِبةِ الصِّلةُ والمَحبةُ وتَأكيدُ الصَّداقةِ.

وفي قَولٍ للشافِعيةِ: إنْ كانَ قد نوَى الثَّوابَ استحَقَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>