قال الحَنفيَّةُ: يُشترَطُ تَسليمُ رأسِ المالِ إلى المُضارِبِ؛ لأنَّه أمانةٌ فلا يَصحُّ إلا بالتَّسليمِ، وهو التَّخليةُ كالوَديعةِ، ولا يَصحُّ مع بَقاءِ يَدِ الدافِعِ على المالِ؛ لِعَدمِ التَّسليمِ مع بَقاءِ يَدِه حتى لو شُرِط بَقاءُ يَدِ المالِكِ على المالِ فَسدتِ المُضاربةُ.
فَرقٌ بينَ هذا وبينَ الشَّركةِ؛ فإنَّها تَصحُّ مع بَقاءِ يَدِ رَبِّ المالِ على مالِه، والفَرقُ أنَّ المُضاربةَ انعَقدَت على رأسِ مالٍ مِنْ أحَدِ الجانبَيْن، وعلى العَملِ مِنَ الجانِبِ الآخَرِ، ولا يَتحقَّقُ العَملُ إلا بَعدَ خُروجِه مِنْ يَدِ رَبِّ المالِ، فكان هذا شَرطًا مُوافِقًا مُقتَضى العَقدِ بخِلافِ الشَّركةِ؛ لأنَّها انعَقدَت على العَملِ مِنَ الجانبَيْن، فشَرطُ زَوالِ يَدِ رَبِّ المالِ عن العَملِ يُناقِضُ مُقتَضى العَقدِ.
وكذا لو شرَط في المُضاربةِ عَملَ رَبِّ المالِ فَسدتِ المُضاربةُ، سَواءُ عَمِل رَبُّ المالِ معه أو لَم يَعملْ؛ لأنَّ شَرطَ عَملِه معه شَرطُ بَقاءِ يَدِه على المالِ وهو شَرطٌ فاسِدٌ.
(١) «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٦٥)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥١٤).