للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَركانُ القَضاءِ وشُروطُه:

أَركانُ القَضاءِ عندَ العُلماءِ سِتةٌ: القاضِي، والمَقضيُّ به، والمَقضيُّ له، والمَقضيُّ فيه، والمَقضيُّ عليه، وكَيفيةُ القَضاءِ (الحُكمُ) (١).

الرُّكنُ الأَولُ: القاضِي:

تُوجدُ أَحكامٌ كَثيرةٌ تَختصُّ بالقاضِي، منها: شُروطُه التي لا بدَّ أنْ تَتوفرَ حتى تَصحَّ تَوليتُه للقَضاءِ، ومنها: آدابُه التي يَنبغي أنْ يَتحلى بها، ومنها: أَحكامُ عَزلِه.

والفُقهاءُ اشتَرطُوا في القاضِي عِدةَ شُروطٍ لا بدَّ مِنْ تَوافرِها لصِحةِ القَضاءِ. وبيانُ هذه الشُّروطِ فيما يلي:

الشَّرطُ الأَولُ: الإِسلامُ:

أجمَعَ أَهلُ العِلم على أنَّه يُشترطُ في القاضِي الذي يَحكمُ بينَ المُسلِمينَ أنْ يَكونَ مُسلمًا، فلا تَصحُّ تَوليةُ الكافرِ ليَقضيَ بينَ مُسلمَينِ أو بينَ مُسلِمٍ وغيرِه، ولا بينَ مُسلِمٍ وكافرٍ؛ لقَولِه تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)[النساء: ١٤١]. وأيُّ سَبيلٍ أَعظمُ مِنْ أنْ يُلزمَه، ويَحكمَ عليه بغيرِ اختيارِه؟ فإنَّه ليسَ هناك سَبيلٌ ولا سُلطانٌ أَعظمُ مِنْ القَضاءِ؛ لأنَّ به إِقامةَ مَوازينِ العَدلِ وَحسمَ دَواعي النِّزاعِ بينَ المُتخاصِمينِ، وهذا لا يَكونُ إلا بشَرعِ اللهِ -المَأمورِ به- الذي لا يُؤتمَنُ عليه إلا المُسلِمُ، وإنِ ادَّعى الكافرُ عِلمَه فَضلًا عن غَلبةِ جَهلِه، وأمَّا جَريانُ العادةِ بنَصبِ حاكمٍ


(١) «تبصرة الحكام» (١/ ٤)، و «معين الحكام» (١/ ٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>