للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجيرُ الخاصُّ إذا عَمِلَ لِغَيرِ مُستَأجِرِهِ:

ذَهَبَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ إلى أنَّ الأجيرَ الخاصَّ لا يَجوزُ له أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه، أو أنْ يَعمَلَ عَملًا آخَرَ غيرَ ما استُؤْجِرَ عليه في المدَّةِ؛ لأنَّ مَنافِعَه في المدَّةِ مُستَحقَّةٌ لِمُستَأجِرِه، وقالَ جُمهورُ الفُقهاءِ: يَنقُصُ مِنْ أُجرَته بمِقدارِ ما عَمِلَ لِلآخَرِ.

قالَ الحَنفيَّةُ: لَيسَ لِلأجيرِ الخاصِّ أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَه مِنْ آخَرَ؛ لأنَّه سُمِّيَ خاصًّا؛ لأنَّه يَختَصُّ بعَملِه دونَ غَيرِهِ؛ لأنَّه لا يَصلُحُ أنْ يَعمَلَ لِغَيرِه في المدَّةِ؛ لأنَّ مَنافِعَه في المدَّةِ صارَتْ مُستَحقَّةً لِلمُستَأجِرِ، والأجرُ مُقابِلُ المَنافِعِ، ولِهَذا يَبقَى الأجْرُ مُستحَقًّا، وإنْ نَقَصَ العَملُ.

قالَ في «الدُّر المُختار»: وليسَ لِلخاصِّ أنْ يَعمَلَ لِغَيرِه، ولَو عَمِلَ نَقَصَ مِنْ أُجرَتِه بقَدْرِ ما عَمِلَ.

قالَ ابنُ عابِدينَ : قالَ في «التاتَرْخانيَّة»: نَجَّارٌ استُؤجِرَ إلى اللَّيلِ، فعَمِلَ لِآخَرَ دَواةً بدِرهَمٍ، وهو يَعلَمُ، فهو آثِمٌ؛ وإنْ لَم يَعلَمْ فلا شَيءَ عليه، ويَنقُص مِنْ أجرِ النَّجَّارِ بقَدْرِ ما عَمِلَ في الدَّواةِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لَيسَ لِأجيرِ الخِدمةِ -الأجيرِ الخاصِّ- أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه مِنْ غيرِ مُستَأجِرِه؛ فإذا أجَّرَ نَفْسَه مِنْ غيرِ مُستَأجِرِه يَومًا أو أكثَرَ وفَوَّتَ على المُستَأجِرِ ما استَأجَرَه عليه، أو بَعضَه؛ فإنَّ الأُجرةَ تَكونُ لِمُستَأجِرِه الأولِ،


(١) «حاشية ابن عابدين مع الدر المختار» (٦/ ٧٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٤٣)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٣٤)، و «العناية» (١٢/ ٤٣٥)، و «المحيط البرهاني» (٨/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>