وكتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ أنْ يَضرِبوا الجِزيةَ، ولا يَضرِبوها على النِّساءِ والصِّبيانِ، ولا يَضرِبوها إلا على مَنْ جرَت عليه المُوسَى.
قالَ أبو عُبيدٍ: يَعني مَنْ أنبَت.
وهذا الحَديثُ هو الأصلُ فيمَن تَجِبُ عليه الجِزيةُ، ومَن لا تَجِبُ عليه، ألَا تَراه إنَّما جعَلها على الذُّكورِ المُدرِكينَ دونَ الإناثِ والأطفالِ، وذلك أنَّ الحُكمَ عليهم كانَ القَتلَ لو لمْ يُؤدُّوها، وأسقَطَها عمَّن لا يَستحِقُّ القَتلَ وهُم الذُّرِّيةُ.
وقد جاءَ في كِتابِ النَّبيِّ ﷺ إلى مُعاذٍ باليَمنِ -الذي ذكَرْناه: أنَّ على كلِّ حالِمٍ دِينارًا- ما فيه تَقويةٌ لقَولِ عُمرَ.
وقالَ أبو عُبيدٍ أيضًا: فلمَّا أُعفِيت الذُّرِّيةُ وهُم النِّساءُ والوِلدانُ من القَتلِ، أُسقِطت عنهم الجِزيةُ، وثبَتت على كلِّ مَنْ يَستحِقُّ القَتلَ إنْ منَعها، وهُم الرِّجالُ، ومَضت السُّنةُ بذلك، وعَمِل به المُسلِمونَ (١).
ثانيًا: العَقلُ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الجِزيةَ لا تُؤخذُ من مَجانينِ أهلِ الذِّمةِ، وممَّن نقَلَ الإجماعَ على هذا ابنُ المُنذِرِ والقُرطبيُّ وابنُ القَيمِ وابنُ قُدامةَ وغيرُهم.