أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الأطرافَ إذا جُنيَ عليها بالخَطأِ أنَّ فيها الدِّيةَ.
واتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ كلَّ عُضوٍ لم يَخلقِ اللهُ تعالَى في الإنسانِ منه إلا واحِدًا كاللسانِ والأنفِ والذكَرِ والصُّلبِ ففيهِ ديَةٌ كامِلةٌ؛ لأنَّ إتلافَه إذهابُ مَنفعةِ الجِنسِ، وإذهابُها كإتلافِ النَّفسِ.
وما فيهِ منه شَيئانِ كاليدَينِ والرِّجلينِ والعَينينِ والأذُنينِ والمِنخرينِ والشَّفتينِ والخِصيتينِ والثَّديينِ والأليَتينِ ففيهِما الدِّيةُ كامِلةً؛ لأنَّ في إتلافها إذهابُ مَنفعةِ الجِنسِ، وفي إحداهُما نصفٌ؛ لأنَّ في إتلافِه إذهابُ نصفِ مَنفعةِ الجِنسِ.
والأصلُ في ذلك حَديثُ النَّسائيِّ ومالكٍ في «المُوطَّأ»: «أنه ﷺ كتَبَ لعَمرِو بنِ حَزمٍ كِتابًا إلى أهلِ اليَمنِ فيهِ الفَرائضُ والسُّننُ والدِّيَاتُ، وقالَ فيه: أنَّ في النَّفسِ مِائةً مِنْ الإبلِ، وفي الأنفِ إذا أُوعَى جَدعًا مِائةٌ مِنْ الإبلِ، وفي المَأمومةِ ثُلثُ الدِّيةِ، وفي الجائِفةِ مِثلُها، وفي العَينِ خَمسونَ، وفي اليَدِ خَمسونَ، وفي الرِّجلِ خَمسونَ، وفي كُلِّ أُصبعٍ ممَّا هُنالكَ عَشرٌ مِنْ الإبلِ، وفي السّنِّ خَمسٌ، وفي المُوضِحةِ خَمسٌ»(١).
(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٥٤٧)، والنسائي (٤٨٥٧) قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀ في «التَّمهِيد» (١٧/ ٣٣٨، ٣٣٩): لا خِلافَ عن مالِكٍ في إرسالِ هذا الحَديثِ بهذا الإسنادِ، وقد رُويَ مُسنَدًا مِنْ وجهٍ صالحٍ، وهو كِتابٌ مَشهورٌ عندَ أهلِ السِّيَرِ مَعروفٌ ما فيه عندَ أهلِ العلمِ مَعرفةً تَستغني بشُهرتِها عن الإسنادِ؛ لأنه أشبَهَ التواتُرَ في مَجيئهِ؛ لتَلقِّي الناسِ له بالقَبولِ والمَعرفةِ.