للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوكيلُ الراهِنِ المُرتَهَنَ في بَيعِ الرَّهنِ إذا حَلَّ الأجَلُ:

اختَلَف الفُقهاءُ في الرَّجُلِ يَرهَنُ عندَ الرَّجُلِ الرَّهنَ ويَجعَلُ له بَيعَه إذا حَلَّ الأجَلُ، هل يَجوزُ أو لا؟

فقال الشافِعيَّةُ: إذا اشتَرَط الراهِنُ لِلمُرتَهَنِ أنْ يَبيعَ الرَّهنَ عندَ حُلولِ الحَقِّ بغَيرِ حُضورِ الراهِنِ لَم يَجُزْ، وكان شَرطًا باطِلًا ووَكالةً فاسِدةً.

لأنَّ التَّوكيلَ في بَيعٍ يَختلِفُ فيه قَصدُ الوَكيلِ والمُوَكِّلِ لا يَصحُّ؛ لأنَّ الوَكيلَ يَقومُ مَقامَ مُوكِّلِه، وإذا كان قَصدُه بخِلافِ قَصدِه لَم يَصحَّ قيامُه مَقامَ مُوكِّلِه.

ألَا تَرى أنَّه لا يَصحُّ تَوكيلُ الرَّجُلِ في بَيعِ سِلعةٍ على نَفْسِه، ولا في ابتياعِها مِنْ نَفْسِه؟ لأنَّ قَصدَه بخِلافِ قَصدِ مُوكِّلِه، كذلك الراهِنُ والمُرتَهَنُ قَصدُهما مُختلِفٌ؛ لأنَّ قَصدَ الراهِنِ التَّوقُّفُ عن البَيعِ لِتَوفيرِ الثَّمَنِ، وقَصدَ المُرتَهَنِ المُبادَرةُ إلى البَيعِ لِتَعجيلِ الثَّمَنِ، فلَم يَصحَّ أنْ يَكونَ المُرتَهَنُ وَكيلًا في البَيعِ، كما لَم يَصحَّ أنْ يَكونَ بائِعُ السِّلعةِ على نَفْسِه وَكيلًا في البَيعِ.

وقد يَتحرَّرُ مِنَ اعتِلالِ هذا الاستِدلالِ قياسانِ: أحَدُهما: أنَّه مَعنًى يَمنَعُ مِنَ التَّوكيلِ في الابتياعِ، فوَجَبَ أنْ يَمنَعَ مِنَ التَّوكيلِ في البَيعِ، كالمِلكِ.

والآخَرُ: أنَّها وَكالةٌ يَمنَعُ منها المِلكُ، فوَجَب أنْ يَمنَعَ منها الرَّهنُ، كالابتياعِ.

فإذا ثَبَت أنَّ هذه الوَكالةَ فاسِدةٌ واشتِراطُها باطِلٌ فلا يَخلو حالُها مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>