للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُروطُ صِحةِ المُوادَعةِ والمُهادَنةِ:

ذكَرَ الفُقهاءُ لصِحةِ عَقدِ المُوادَعةِ أربَعةَ شُروطٍ، وهي:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ تَكونَ هناك حاجةٌ أو ضَرورةٌ للمُسلِمينَ إليها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ مِنْ شُروطِ صِحةِ عَقدِ الهُدنةِ والصُّلحِ مع الكُفارِ أنْ يَكونَ بالمُسلِمينَ ضَرورةٌ، وهي على هذا التَّفصيلِ:

قالَ الحَنفيةُ: وشَرطُها الضَّرورةُ: وهي ضَرورةُ استِعدادِ القِتالِ بأنْ كانَ بالمُسلِمينَ ضَعفٌ، وبالكَفَرةِ قُوةُ المُجاوَزةِ إلى قَومٍ آخَرينَ فلا تَجوزُ عندَ عَدمِ الضَّرورةِ؛ لأنَّ المُوادَعةَ تَركُ القِتالِ المَفروضِ فلا يَجوزُ إلا في حالٍ وُقوعِها وَسيلةً إلى القِتالِ؛ لأنَّها حينَئذٍ تَكونُ قِتالًا مَعنًى، قالَ اللهُ : ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥] أي: لا تَضعُفوا عن قِتالِ الكُفارِ، وتَدعوهم إلى الصُّلحِ وأنتُم الأعلَونَ بما وَعَدكم اللهُ من النَّصرِ في الدُّنيا والكَرامةِ في الآخِرةِ. وقيلَ: وأنتُم الغالِبونَ، واللهُ معكم بالعَونِ والنَّصرِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يُشترطُ لصِحةِ الصُّلحِ الحاجةُ إليه؛ فإنْ كانَ لغيرِ حاجةِ مَصلَحتِه لا يَجوزُ لوُجوبِ القِتالِ إلى غايةِ إعطاءِ الجِزيةِ وإنْ كانَ لمَصلَحةٍ، نَحوَ العَجزِ عن القِتالِ مُطلَقًا، أو في الوَقتِ الحاضِرِ فيَجوزُ


(١) «السير الكبير» (١/ ١٦٥)، و «المبسوط» (١٠/ ٨٦)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ١٠٨)، و «الاختيار» (٤/ ١٤٦)، و «الهداية» (٢/ ١٣٩)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٥٨)، و «العناية» (٧/ ٤٦٠)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٤٥)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٢٦٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>