وما قبَضه الحاكِمُ مِنْ ثَمَنِ أموالِ المُفلِسِ قَسَّمَه نَدبًا على التَّدريجِ بينَ الغُرَماءِ؛ لِتُبرَأَ منه ذِمَّتُه، ويَصِلَ إليه المُستَحِقُّ، فإنْ طلَب الغُرماءُ القِسمةَ وَجَبتْ.
إلا أنْ يُعسِرَ لِقِلَّتِه وكَثرةِ الدُّيونِ فيُؤخِّرَه لِيَجتَمِعَ ما يَسهُلُ قِسمَتُه؛ دَفعًا لِلمَشقَّةِ، فيُقرِضُه أمينًا مُوسِرًا يَرتَضيه الغُرَماءُ، فإنْ فُقِدَ أودَعَه ثِقةً يَرتَضيه الغُرَماءُ ولا يَضَعُه عندَ نَفْسِه؛ لِما فيه مِنَ التُّهمةِ.
ولو اختَلَفتِ الغُرَماءُ فيمَن يُقرِضُه أو يُودِعُ عندَه، أو عَيَّنوا غيرَ ثِقةٍ، فمَن رآه القاضي مِنَ العُدولِ أوْلى.
فإنْ تلِف عندَ المُودَعِ مِنْ غيرِ تَقصيرٍ فمِن ضَمانِ المُفلِسِ.
ولا يُكلَّفُ الغُرماءُ الإثباتَ بأنَّه لا غَريمَ غَيرُهم عندَ القِسمةِ؛ لأنَّ الحَجْرَ يُشتَهَرُ، فلو كان ثَمَّ غَريمٌ لَظَهَرَ.
إذا ظَهَرَ غَريمٌ آخَرُ بعدَ القِسمةِ:
لو قَسَّمَ فظَهَر غَريمٌ يَجبُ إدخالُه في القِسمةِ، ويُشارِكُ بالحِصَّةِ، ولَم تَنقَضِ القِسمةُ؛ لأنَّ المَقصودَ يَحصُلُ بذلك، فلو قُسِّمَ مالُه وهو خَمسةَ عَشَر على غَريمَيْنِ لِأحَدِهما عِشرونَ ولِلآخَرِ عَشَرةٌ، فأخَذَ الأوَّلُ عَشَرةً والآخَرُ خَمسةً ثم ظَهَر غَريمٌ له ثَلاثونَ رَجَع على كلٍّ منهما بنِصفِ ما أخَذَه.
فإنْ أتلَفَ أحَدُهما ما أخَذَه وكان مُعسِرًا جُعِلَ ما أخَذَه كالمَعدومِ، وشارَكَ مَنْ ظَهَر الآخَرَ، وكان ما أخَذَه كأنَّه كلُّ المالِ، فلو كان المُتلِفُ آخِذًا الخَمسةَ استَرَدَّ الحاكِمُ مِنْ آخِذِ العَشَرةِ ثَلاثةَ أخماسِها لِمَنْ ظَهَرَ، ثم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute