جَعفَرٍ، قُمْ فاجْلِدْه. فجَلَدَه وعَلِيٌّ يَعُدُّ، حتى بلَغ أربَعينَ، فقالَ: أمسِكْ. ثم قالَ: جَلَدَ النَّبيُّ ﷺ أربَعينَ، وجَلَدَ أبو بَكرٍ أربَعينَ، وعُمَرُ ثَمانينَ، وكُلٌّ سُنَّةٌ، وهذا أحَبُّ إليَّ (١).
تَعَدُّدُ الوُكَلاءِ:
لا خِلافَ بَينِ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَجوزُ لِلمُوكِّلِ أنْ يُوكِّلَ أكثَرَ مِنْ وَكيلٍ في تَصرُّفٍ مُعيَّنٍ في الجُملةِ، عَدا الخُصومةَ؛ فأنَّهم اختَلَفوا فيها، كما تَقدَّم في حُكمِ التَّوكيلِ في الخُصومةِ.
إلَّا أنَّ الفُقهاءَ قَسَّموا حالَ الوُكَلاءِ المُتعَدِّدينَ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ:
الأوَّلُ: أنْ يُوكِّلَ الوَكيلُ أكثَرَ مِنْ واحِدٍ على التَّعاقُبِ، فيَجوزُ باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ لكلٍّ مِنهم الانفِرادُ بالتَصرُّفِ؛ لأنَّه رَضيَ برَأْيِ كلِّ واحِدٍ مِنهم على الِانفِرادِ وَقتَ تَوكيلِه؛ فلا يَتغيَّرُ بعدَ ذلك.
الثَّاني: أنْ يُوكِّلَ أكثَرَ مِنْ وَكيلٍ بلَفظٍ واحِدٍ، وأمَرَهم ألَّا يَتصرَّفَ أحَدُهم إلَّا بإذْنِ الآخَرينَ، فلا يَصحُّ تَصرُّفُ أحَدِهم بمُفرَدِه؛ لِنَهْيِه عن ذلك.
الثَّالثُ: أنْ يُوكِّلَ أكثَرَ مِنْ وَكيلٍ في لَفظٍ واحِدٍ، فاختَلَفوا: هَلْ لا بدَّ مِنْ اتِّحادِ الوُكَلاءِ واتِّفاقِهم على التَصرُّفِ أو يَجوزُ لِأحَدِهم الِاستِبدادُ بالتَصرُّفِ وَحدَه إذا لَم يَأذَنِ المُوكِّلُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهم بالتَصرُّفِ؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ: