للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: اتَّفقت كَلِمةُ المَشايخِ في امرأةٍ دُفِن ابنُها وهي غائِبةٌ في غيرِ بَلدِها فلَم تَصبِرْ وأرادت نَقلَه، أنَّه لا يَسعُها ذلك، فتَجويزُ بعضِ المُتأخِّرينَ لا يُلتَفَت إليه.

وأمَّا نَقلُ يَعقوبَ ويُوسفَ مِنْ مِصرَ إلى الشامِ لِيَكونا مع آبائهما الكِرامِ فهو شَرعُ مَنْ قبلَنا ولَم يَتوافرْ فيه شُروطُ كَونِه شَرعًا لنا (١).

أمَّا إذا أرادوا أنْ يَنقُلوه مِنْ بَلدٍ إلى آخَرَ قبلَ الدَّفنِ:

فذهَبَ بعضُ الحَنفيةِ إلى جَوازِه مُطلَقًا، سَواءٌ بَعُدتِ المَسافةُ أو قَصُرَت، وقالَ بعضُهم: إلى ما دونَ مَسافةِ السَّفرِ.

وقالَ السَّرخسيُّ : يُكرَهُ إلا أنْ يَكونَ قَدرَ مِيلٍ أو مِيلَينِ؛ لأنَّ مَقابِرَ البَلدِ ربَّما بلَغَت هذه المَسافةَ فيُكرهُ فيما زادَ (٢).

أمَّا مَذهبُ الشافِعيةِ فيما إذا نُقلَ قبلَ الدَّفنِ فالصَّحيحُ عندَهم أنَّه يَحرُمُ، كما جزَمَ به النَّوويُّ، حيثُ قالَ : نَقلُ الميِّتِ مِنْ بَلدٍ إلى بَلدٍ قبلَ دَفنِه، قالَ صاحِبُ الحاوي: قالَ الشافِعيُّ : «لا أُحِبُّه إلا أنْ يَكونَ بقُربِ مَكةَ أو المَدينةِ، أو بيتِ المَقدِسِ، فيَختارَ أنْ يُنقَلَ إليها لفَضلِ الدَّفنِ فيها».


(١) «شرح فتح القدير» (٢/ ١٤١)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢٣٩)، (٦/ ٤٢٨)، و «دور الحكام» (٢/ ٢٨٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢١٠)، و «مرقاة المفاتيح» (٤/ ١٦١)، و «عمدة القاري» (١/ ١٦٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ٣٦٥)، و «المجموع» (٤٢٣).
(٢) «ابن عابدين» (٦/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>