للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالِثًا: الأُمورُ التي لا يَصحُّ التَّوكيلُ فيها بالاتِّفاقِ:

التَّوكيلُ في الصَّلاةِ:

أَجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ ولا النِّيابةُ في الصَّلاةِ بحالٍ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنْ العِبادةِ البَدنيَّةِ إتْعابُ البَدَنِ وقَهْرُ النَّفسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ، وامتِحانُ المُكَلَّفِ، ولا يَحصُلُ بفِعلِ النَّائِبِ، ولأنَّ المَصلَحةَ التي اشتَمَلَتْ عليها هي الخُضوعُ والخُشوعُ وإجلالُ الرَّبِّ وإظهارُ العُبوديةِ له، ولا يَلزَمُ مِنْ خُضوعِ الوَكيلِ خُضوعُ المُوكِّلِ؛ فإذا فَعلَها غيرُه فاتَتِ المَصلَحةُ التي طَلبَها الشَّارِعُ مِنْ كلِّ مُكَلَّفٍ.

ولأنَّ الصَّلاةَ مِنْ الواجِبِ الذي تُعُبِّدَ به الإنسانُ في عَينهِ؛ لأنَّ ما تُعُبِّدَ به في عَينِه، كالوُضوءِ والصَّلاةِ، لا يَصحُّ أنْ يَنوبَ عنه في ذلك غيرُه (١).

قالَ ابنُ العَرَبيِّ : ولا تَجوزُ النِّيابةُ فيها بحالٍ -أي: الصَّلاةِ- بإجماعِ الأُمَّةِ، وإنَّما يُؤدِّيها المُكَلَّفُ ولو بأشفارِ عَيْنَيْه، إلَّا في رَكعَتَيِ الطَّوافِ (٢).


(١) «ابن عابدين» (١/ ٣٥٥)، و «حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٦)، و «المقدمات الممهدات» (٣/ ٥١)، و «البيان» (٦/ ٣٩٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٦)، و «المغني» (٥/ ٥٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٠٥)، و «المبدع» (٤/ ٣٥٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٥٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٧).
(٢) «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>