للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتِمالانِ:

أحدُهما: تَبطلُ كما رجَّحَه الشَّيخُ زَكريا الأَنصاريُّ (١).

والثاني: تَصحُّ الوَصيةُ كالهِبةِ كما رجَّحَه بعضُ اليَمانيِّينَ ورجَّحَه الخَطيبُ الشِّربينيُّ وقالَ: والفَرقُ بينَهما -أي: الوَصيةِ والهِبةِ- وبينَ البَيعِ فيما إذا قبِلَ بعضَه حيثُ لم يَصحَّ أنَّ البَيعَ فيه المُعاوضةُ فلم يُغتفَرْ فيه ما اغتُفِرَ فيهما (٢).

القَبولُ على الفَورِ أم على التَّراخي:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ -وهو مُقتَضى كَلامِ الحَنفيةِ- إلى أنَّه لا يُشتَرطُ في القَبولِ الفَورُ بعدَ مَوتِ المُوصي، بل يَصحُّ مُتراخيًا؛ لأنَّ الفَورَ إنَّما يُشتَرطُ في العُقودِ الناجِزةِ التي يُعتبَرُ فيها ارتِباطُ القَبولِ بالإِيجابِ، مع أنَّه لو اشتُرطَ الفَورُ لاشتُرطَ عَقبَ الإِيجابِ، ويُفارقُ الرَّدَّ بالعَيبِ والأخذَ بالشُّفعةِ؛ لأنَّهما لدَفعِ الضَّررِ فيَبطُلانِ بالتَّأخيرِ.

قالَ الشافِعيةُ: وهذا إذا كانَ المُوصَى له مُطلَقَ التَّصرفِ، فإنْ كانَ مَحجورًا عليه لسَفهٍ أو صِغرٍ وكذا بَقيةُ المَحاجيرِ فيَلزمُ وَليَّه القَبولُ أو الرَّدُّ فَورًا بحَسبِ المَصلحةِ؛ فإنِ امتنَعَ منه عندَ المَصلحةِ عِنادًا انعزَلَ، وإنِ امتنَعَ مُتأوَّلًا أو امتَنعَ مِنْ قَبولِ بعضِه قامَ القاضي مَقامَه في القَبولِ ولا يَردُّ (٣).


(١) «أسنى المطالب» (٣/ ٤٣).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٨٧، ٨٨).
(٣) «مواهب الجليل» (٨/ ٣٧٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠٢)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٤٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨٨)، و «الديباج» (٣/ ٧٩)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٧٦)، و «المغني» (٦/ ٧٠)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٤٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٦)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>