للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يَدفعَ عن نَفسِه بسِلاحِهم، وكَذلكَ إنْ خافَ على نَفسِه وأمكَنَه أنْ يَنجوَ على دابَّةٍ لهُم .. جازَ له ذلكَ؛ لأنه لو اضطرَّ إلى ذلكَ مِنْ مالِ أهلِ العَدلِ .. لَجازَ له الانتِفاعُ به، فكذلكَ إذا اضطرَّ إلى ذلكَ مِنْ أموالِ أهلِ البَغيِ (١).

ضَمانُ ما أتلَفَه أهلُ العَدلِ للبُغاةِ:

الأصلُ في أموالِ البُغاةِ العِصمةُ؛ لأنهُم مُسلمونَ، وإنما أبيحَ مِنْ دِمائِهم وأموالِهم ما حصَلَ مِنْ ضَرورةِ دَفعِهم وقِتالِهم، وما عداهُ يَبقَى على أصلِ التَّحريمِ، فإذا أتلَفَ أحَدٌ مِنْ أهلِ العَدلِ للبُغاةِ مالًا قبلَ الحَربِ والقِتالِ أو بعدَه وجَبَ عليهِ الضمانُ؛ لأنه أتلَفَ مالًا مُحرَّمًا عليهِ بغيرِ قتالٍ، فلَزمَه ضَمانُه كما لو أتلَفَه قبلَ البغيِ (٢).

وإنْ أتلَفَ أهلُ العَدلِ للبُغاةِ مالًا في حالِ القِتالِ فلا ضَمانَ عليهم بلا خِلافٍ؛ لأنهُم مَأمورُونَ بقتالِهم، والقِتالُ يَقتضي إتلافَ ذلكَ، ولأنهم إذا لم يَضمَنوا الأنفُسَ، فالأموالُ أَولى.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : لا خِلافَ في أنَّ العادِلَ إذا أصابَ مِنْ أهلِ البَغيِ مِنْ دَمٍ أو جِراحةٍ أو مالٍ استَهلكَه أنه لا ضَمانَ عليهِ (٣).


(١) «البيان» (١٢/ ٢٨، ٢٩).
(٢) «الهداية» (٢/ ١٧٢)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٠٦)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٣)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٨١٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٦٦، ٢٦٧)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٢٧٩)، و «البيان» (١٢/ ٢٩)، «الإنصاف» (١٠/ ٣١٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٥٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>