للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعَملٍ يَستحِقُّ به الأَجرَ، فلا يَجبُ الأَجرُ، وإنْ خصَّصَ بأنْ قالَ لرَجلٍ بعينِه: إنْ دَللتَني عليه فلك كذا، إنْ مَشى له ودلَّه يَجبُ أَجرُ المِثلِ في المَشيَ؛ لأنَّ ذلك عَملٌ يُستحَقُّ بعَقدِ الإِجارةِ، إلا أنَّه غيرُ مُقدَّرٍ بقَدرٍ فيَجبُ أَجرُ المِثلِ، وإنْ دلَّه بلا مَشيٍ فهو والأوَّلُ سَواءٌ اه.

وبه ظهَرَ أنَّه هنا إن خصَّصَ فالإِجارةُ فاسِدةٌ؛ لكَونِ مَكانُ الردِّ غيرَ مُقدَّرٍ، فيَجبُ أَجرُ المِثلِ، وإنْ عُمِّمَ فباطِلةٌ ولا أَجرَ (١).

الصُّورةُ الثانِيةُ: أنْ يَعملَ على وُجودِ اللُّقطةِ ثُم يَعلمَ أنَّ صاحِبَها قد جعَلَ لمَن وجَدَها جُعْلًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ القائِلونَ بجَوازِ الجُعلِ، كما تقَدمَ فيما إذا جعَلَ ربُّ الضالَّةِ جُعلًا على مَنْ ردَّ عليه اللُّقطةَ فعمَلَ إِنسانٌ وأَتى بها قبلَ أنْ يَبلغَه الجُعلُ، هل يَستحقُّ الجُعلَ أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ وابنُ القاسِمِ مِنْ المالِكيةِ -على تَفصيلٍ عنه سبَقَ في الجُعالةِ- إلى أنَّ مَنْ قالَ: مَنْ ردَّ ضالَتيَ فله كذا فرَدَّه إِنسانٌ لَم يَبلغْه نِداؤُه ولا علِمَ بالجُعلِ أنَّه لا يَستحقُّ شَيئًا.

قالَ الشافِعيةُ: لو قالَ: مَنْ ردَّ آبِقي فله كذا فرَدَّه مَنْ لَم يَبلغْه نِداؤُه لَم يَستحقَّ شَيئًا؛ لأنَّه مُتبَرعٌ، فإنْ قصَدَ العِوضَ لاعتِقادَه أنَّ مِثلَ هذا العَملِ لا يُحبِط لَم يَستحقَّ أيضًا على المَذهبِ، ولا أَثرَ لاعتِقادِه (٢).


(١) «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٨٠، ٢٨١).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٨٩)، و «البيان» (٧/ ٤١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٤٢)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٥/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>