للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الرابِعةُ: التكتُّمُ على عَدمِ إظهارِ النِّكاحِ (نِكاحُ السِّرِّ):

لا خِلافَ بينَ العُلماءِ على أنَّ نِكاحَ السِّرِّ الذي يَتواصَونَ بكِتمانِه ولا يُشهِدونَ عليهِ أحدًا باطِلٌ عندَ عامَّةِ العُلماءِ (١).

واتَّفقُوا على أنَّ الإعلانَ شَرطٌ في صِحةِ النِّكاحِ.

إلا أنهُم اختَلفُوا بعدَ ذلكَ في أنَّ الإعلانَ المُشترطَ هل يَحصلُ بالإشهادِ حتَّى لا يَضرُّ بعدَه تَوصيتُه للشُّهودِ بالكِتمانِ؟ أو لا يَحصلُ بمُجرَّدِ الإشهادِ، بل لا بُدَّ مِنْ الإعلانِ، حتَّى لو عُقِدَ بشُهودٍ ولم يُعلَنْ يكونُ باطِلًا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ (والظاهِريةُ) إلى أنَّ النكاحَ الذي يَنعقدُ بشاهدَينِ ليسَ بنكاحِ سِرٍّ وإنِ استُكتِمَ الشَّاهدانِ؛ لأنه بحُضورِ الشاهدَينِ يَحصلُ الإعلانُ ويَخرجُ مِنْ أنْ يَكونَ سِرًّا، ولأنه لم يَصحَّ قَطُّ نهيٌّ عن نكاحِ السرِّ إذا شَهِدَ عليه عَدلانِ، ولأنَّ النكاحَ الذي يَحضرُه الناكِحُ والمُنكِحُ والمُنكَحةُ والشاهِدانِ ليسَ بسِرٍّ، قالَ الشاعِرُ:

أَلَا كُلُّ سِرٍّ جاوَزَ اثنَينِ شائِعٌ … ............................

وقالَ غيرُه:

السِّرُّ يَكتمُه الاثنانِ بينَهُما … وكُلُّ سِرٍّ عَدا الاثنينِ مُنتشِرُ

فنِكاحُ السِّرِّ ما لم يَحضرْه شاهِدانِ، فأمَّا ما حضَرَه شاهِدانِ فهو نِكاحُ عَلانيَةٍ لا نِكاحُ سِرٍّ؛ إذِ السرُّ إذا جاوَزَ اثنَينِ خرَجَ مِنْ أنْ يكونَ سرًّا، وكذلكَ


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٥٨)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>