الهِبةُ تُرسَلُ مع الرَّسولِ فيَموتُ الواهِبُ أو المَوهوبُ له:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أرسَلَ الواهِبُ هِبةً إلى صَديقٍ له مَثلًا مع إِنسانٍ فماتَ الواهِبُ أو المَوهوبُ له قبلَ أنْ تَصِلَ الهِبةُ إلى المَوهوبِ له، هل تَلزمُ وتَكونُ للمَوهوبِ له أم تَرجعُ إلى الواهِبِ؟ وهل يَفترقُ الحُكمُ إذا أرسَلَها مع رَسولٍ أو وَكيلِ المَوهوبِ له أو لا؟
فقالَ المالِكيةُ: إذا استصحَبَ الواهِبُ هَديةً لشَخصٍ في سَفرِه لآخَرَ غائِبٍ عن بَلدِ المُهدي ثم ماتَ الواهِبُ، أو أرسَلَ الهَديةَ له مع شَخصٍ ثم ماتَ الواهِبُ -أي: المُستصحِبُ أو المُرسِلُ- قبلَ وُصولِه أو وُصولِ رَسولِه بطَلَت الهِبةُ، سَواءٌ كانت لمُعيَّنٍ أو غيرِه لعَدمِ الحَوزِ قبلَ المانِعِ.
وكذا إنْ ماتَ المَوهوبُ له المُعيِّنُ لها، أي: الذي قصَدَ بها عَينَه دونَ وارِثِه بأنْ يَقولَ الواهِبُ: هي لفُلانٍ إنْ كانَ حَيًّا، سَواءٌ استَصحَبَها الواهِبُ معه أو أرسَلَها مع رَسولٍ، فتَبطُلُ الهِبةُ لعَدمِ القَبولِ من المَوهوبِ له، وتَرجعُ للواهِبِ إنْ كانَ حَيًّا أو لوارِثِه إنْ ماتَ.
ومَحلُّ البُطلانِ ما لم يُشهِدِ الواهِبُ في الصُّورِ الأربَعِ، أمَّا إنْ أشهَدَ أنَّها هَديةٌ لفُلانٍ حينَ الإِرسالِ، أو حينَ الاستِصحابِ؛ فإنَّها لا تَبطُلُ بمَوتِ المُرسَلِ إليه، ويَقومُ وارِثُه مَقامَه، ولا بمَوتِ الواهِبِ، فهذه صُورٌ أربَعٌ أيضًا، ومَفهومُ المُعيَّنةِ له أنَّها إنْ لم تُعيَّنْ له بأنْ قالَ حينَ أرسلَهَا أو حين استَصحَبَها:«هذه الهِبةُ لفُلانٍ إنْ كانَ حَيًّا، أو لوَرثتِه إنْ كانَ مَيِّتًا»؛ فإنَّها لا تَبطُلُ بمَوتِ المَوهوبِ له سَواءٌ أشْهَدَ الواهِبُ أو لا.