وهذه قَضيةٌ انتَشرَتْ ولم تُنكَرْ فكانَ كالإجماعِ، ولأنه مالٌ للهِ تعالى لم يَبْقَ له مَصرفٌ، فصُرِفَ إلى المَساكينِ، ولأنَّ نفْعَ المَسجدِ عامٌّ، والفُقراءُ كذلكَ، وخَصَّه أبو الخطَّابِ والمَجدُ بفُقراءِ جيرانِه؛ لأنهُم أحَقُّ بمَعروفِه، وعنهُ: لا يُصرَفُ لهما، وعنهُ: بَلى لمِثلِه، واختارَهُ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ، وقالَ أيضًا: وفي سائرِ المَصالِحِ وبِناءِ مَساكِنَ لمُستحِقِّ رَيعِه القائِمِ بمَصلَحتِه، قالَ: وإنْ عُلِمَ أنَّ رَيعَه يَفضلُ عنهُ دائِمًا وجَبَ صَرفُه؛ لأنَّ بَقاءَه فَسادٌ وإعطاؤُه فَوقَ ما قَدَّرَه الواقفُ؛ لأنَّ تَقديرَه لا يَمنعُ استِحقاقَه كغَيرِ مَسجِدِه، وقالَ: ومِثلُه وَقفُ غَيرِه، ولا يَجوزُ لغَيرِ النَّاظِرِ صَرفُ الفاضِلِ (١).
بَيعُ الوَقفِ إذا خَرِبَ أو تَعَطَّلَتْ مَنافِعُه:
الوَقفُ إذا خَرِبَ أو تَعطَّلتْ مَنافعُه فلا يَخلُو: إمَّا أنْ يَكونَ مَنقولًا غيرَ عَقارٍ، وإمَّا أنْ يَكونَ عَقارًا:
الحالَةُ الأُولى: أنْ يَكونَ مَنقولًا غيرَ عَقارٍ:
وهذا لا يَخلُو مِنْ أمرَينِ: إمَّا أنْ يَكونَ حَيوانًا، وإمَّا أنْ يَكونَ غَيرَ حَيوانٍ:
أ- أنْ يَكونَ حَيَوانًا كالفَرسِ الحَبيسِ:
اتَّفقَ الفُقَهاء على أنَّ الوَقفَ لو كانَ فَرسًا حَبيسًا على الغَزوِ ولم تَصلحْ للغَزوِ وأمكَنَ الانتفاعُ بها في شيءٍ آخَرَ أنه يَجوزُ بَيعُها.
(١) «المبدع» (٥/ ٣٥٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute