للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَّبيُّ صلَّى على الغائِبِ وترَكَه، وفِعلُه وتَركُه سُنةٌ، وهذا له مَوضِعٌ وهذا له مَوضِعٌ، واللهُ أعلَمُ.

والأَقوالُ الثَّلاثةُ في مَذهبِ أحمدَ، وأصَحُّها هذا التَّفصيلُ، والمَشهورُ عندَ أَصحابِه الصَّلاةُ عليه مُطلَقًا (١).

وإلى هذا التَّفصيلِ ذهَبَ بعضُ المُحقِّقين مِنْ الشافِعيةِ كالخَطابيِّ والرُّويانِيِّ رحِمَهما اللهُ (٢).

صَلاةُ الجنازةِ في أَوقاتِ النَّهيِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الصَّلاةِ على الجنازةِ عندَ طُلوعِ الشَّمسِ، وعندَ الزَّوالِ وعندَ غُروبِ الشَّمسِ.

فذهَبَ أبو حَنيفةَ وأحمدُ في المَشهورِ عنه إلى أنَّه تُكرهُ الصَّلاةُ على الميِّتِ في هذه الأَوقاتِ؛ لحَديثِ عُقبةَ بنِ عامِرٍ قالَ: «ثَلاثُ ساعاتٍ كانَ رَسولُ اللَّهِ يَنْهانا أنْ نُصلِّيَ فِيهنَّ أو أَنْ نَقبُرَ فِيهنَّ مَوْتانا: حينَ تَطلُعُ الشَّمسُ بازِغَةً حتى تَرتَفعَ، وحينَ يَقُومُ قائِمُ الظَّهيرَةِ حتى تَمِيلَ الشَّمسُ، وحينَ تَضيَّفُ الشَّمسُ للغُروبِ حتى تَغرُبَ» (٣).

ومَعنى «تَضيَّفُ»: أي تَجنَحُ وتَميلُ للغُروبِ مِنْ قَولِك: تَضيَّفتُ فُلانًا، إذا مِلتُ إليه، وقد صرَّحَ الحَنفيةُ بأنَّ الكَراهةَ ههنا تَحريميَّةٌ، ولا تُكرهُ في غيرِها مِنْ الأَوقاتِ.


(١) «زاد المعاد» (١/ ٥٢٠، ٥٢١).
(٢) «عمدة القاري» (٨/ ٢١، ١١٩)، و «عون المعبود» (٩/ ١٥).
(٣) رواه مسلم (٨٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>